فقال كعب وهو في نادي قومه وجماعتهم: ادن إلى فخبرني بحاجتك. فتحدثنا ساعة، وأبو نائلة أو محمد بن مسلمة يناشده الشعر. فقال كعب: ما حاجتك، لعلك تحب ان تقو م من عندنا. فلما سمع القوم قاموا.
فقال محمد بن مسلمة أو أبو نائلة: (ان هذا الرجل قد سألنا صدقة، ونحن لا نجد ما نأكل، وانه قد عنانا). قال كعب: وأيضا والله لتملنه). وفي غير الصحيح: فقال أبو نائلة: (اني قد جئتك في حاجة أريد ان اذكرها لك فاكتم عني). قال: (افعل). قال: كان قدو م هذا الرجل علينا بلاء من البلاء، عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة، وقطعت عنا السبل، حتى ضاع العيال وجهدت الأنفس، وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا). فقال كعب بن الأشرف: (أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن سلامة ان الامر سيصير إلى ما أقول، ولكن اصدقني ما ا لذي تريدون من أمره؟) قال: (خذلانه والتنحي عنه).
قال: (سررتني ألم يأن لكم ان تعرفوا ما عليه من الباطل؟). فقال له أبو نائلة أو محمد بن مسلمة: (معي رجال من أصحابي على مثل رأيي، وقد أردت ان آتيك بهم فنبتاع منك تمرا وطعاما وتحسن إلينا، ونرهنك ما يكون ذلك فيه ثقة). وفي صحيح مسلم (1): (وواعده ان يأتيه بالحارث وأبي عبس بن جبر، وعباد بن بشر. قال (كعب): (أما والله ما كنت أحب يا أبا نائلة أن ارى بك هذه الخصامة وان كنت من أكرم الناس، على ماذا ترهنوني؟ (أترهنوني) أبناءكم؟) قال: (انا نستحي ان يعير أبناؤنا فيقال، هذا رهينة وسق، وهذا رهينة وسقين). قال:
(فارهنوني نساءكم). قال: (لقد أردت ان تفضحنا وتظهر أمرنا، أنت أجمل ألنا س ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك لجمالك، ولكنا نرهنك من السلاح والحلقة ما ترضى به، ولقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم). قال كعب: (ان السلاح لوفاء). وأراد أبو نائلة الا ينكر السلاح إذا جاؤوا به. فسكن إلى قوله وقال: (جئ به متى شئت).
فرجع أبو نائلة من عنده على ميعاد. فأتى أصحابه فأخبرهم، فأجمعوا أمرهم على أن يأتوه إذا أمسى لميعاده. ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء فأخبروه فمشى (معهم).
وروى ابن إسحاق والإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى معهم إلى بقيع الفرقد، ثم وجههم وقال: (انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم) وعند ابن سعد: (امضوا على بركة الله وعونه). ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته في ليلة مقمرة مثل النهار، ليلة أربع عشرة من شهر ربيع الأول.