على الدخول مع أنهم أشد الناس شكائم وأعلاهم همما وعزائم وقد كانوا في غاية الاباء له والمغالبة للقائم به، وذلك هو فائدة الفتح الذي هو آية النصر وقد علم أن بالآية الأخيرة من الاحتباك ما دل بالامر بالاستغفار (على الامر) بالتوبة وبتعليل الامر بالتوبة على تعليل الامر بالاستغفار).
انتهى ما أوردته من كلام الشيخ برهان الدين البقاعي، وتأتي بقيته في الوفاة النبو ية إن شاء الله تعالى.
تنبيهات الأول: هذه السورة مدنية بلا خلاف، والمراد بالمدني ما نزل بعد الهجرة ولو بمكة على المعتمد. وروى البزار، وأبو يعلى، والبيهقي في الدلائل عن أبن عمر رضي الله عنهما قال: نزلت هذه السورة (إذا جاء نصر الله والفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق فعرف انه الوداع، فأمر بناقته القصواء فرحلت، ثم فخطب خطبته المشهورة.
الثاني: روى مسلم والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: آخر سورة نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح). وروى الترمذي والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح.
قال الشيخ في الاتقان: يعني: (إذا جاء نصر الله والفتح). قال الحافظ: والجمع بينهما ان آخر آية النصر نزولها كاملة بخلاف براءة. قلت: ولفظ حديث ان عمر، وعند الطبراني: آخر سورة نزلت من القرآن جميعا: (إذا جاء نصر الله والفتح).
الثالث: سئل عن قول الكشاف ان سورة النصر نزلت في حجة الوداع أيام التشريق فكيف صدرت ب X (إذا) الدالة على الاستقبال؟ وأجاب الحافظ بضعف ما نقله، وعلى تقدير صحته فالشرط لم يكتمل بالفتح لان مجئ الناس أفواجا لم يكن كمل، فبقية الشرط مستقبل.
وقد أورد الطيبي السؤال وأجاب بجوابين أحدهما ان (إذا) قد ترد بمعنى إذ كما في قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا) (الجمعة 11) الآية. ثانيهما ان كلام الله تعالى قديم. قال الحافظ: وفي كل من الجوابين نظر لا يخفى.
الرابع: قال الحافظ ابن كثير: (والمراد بالفتح ههنا فتح مكة قولا واحدا فان أحياء العرب كانت تتلوم باسلامها فتح مكة يقولون (دعوه وقومه) فان ظهر عليهم فهو نبي. فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا فلم تمض سنتان حتى استوثقت جزيرة ا لعرب ايمانا ولم يبق من سائر قبائل العرب الا مظهر الاسلام). قلت: قد حكى غير واحد ا لخلاف في أن المراد فتح مكة أو فتح سائر البلاد.