عصب رأسه بعصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال:
(أما بعد أيها الناس فما مقالة (قد بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في امارتي أسامة لقد طعنتم في امارتي أباه من قبله، وأيم الله كان للامارة لخليقا وا ن ابنه من بعده لخليق للامارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وانهما لمخيلان لكل خير فاستوصوا به خير ا فإنه من خياركم) (1).
ثم نزل فدخل بيته، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ويمضون إلى العسكر بالجرف، ودخلت أم أ يمن رضي الله تعالى عنها فقالت: (يا رسول الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل فان أسامة خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه). فقال: (أنفذوا بعث أسامة). فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد.
ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل مغمور، وهو اليوم الذي لدوه فيه، فدخل عليه وعيناه تهملان، وعنده الناس والنساء حوله فطأطأ عليه أسامة فقبله والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها على أسامة كأنه يدعو له. ورجع أسامة إلى معسكره.
ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا وجاءه أسامة فقال له: (اغد على بركة الله). فودعه أسامة وخرج إلى معسكره لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا. ودخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه فقال: (يا رسول الله أصبحت مفيقا بحمد الله واليوم يوم ابنة خارجة فأذن لي). فأذن له فذهب إلى السنح. وركب أسامة إلى العسكر وصاح في أصحابه باللحوق بالعسكر، فانتهى إلى معسكره وأمر الناس بالرحيل وقد متع النهار.
فبينا هو يريد أن يركب أتاه رسول امه أم أيمن يخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت فأقبل إلى المدينة وأقبل عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجود بنفسه فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم. ودخل المسلمون الذي عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بن الحصيب باللواء معقودا فغرزه عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه وألا يحله حتى يغزوهم وقال لأسامة: (أنفذ في وجهك الذي وجهك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم). وأمر الناس بالخروج، فعسكروا في موضعهم الأول، وخرج بريدة باللواء. فلما ارتدت العرب كلم أبو بكر في حبس أسامة فأبى.