اليمان، كما رويناه عن طريق ابن إسحاق وغيره.
قال الحافظ رحمه الله: وهذا الحصر مردود، فإن القصة التي ذهب الزبير لكشفها غير القصة التي ذهب حذيفة لكشفها، فقصة الزبير كانت لكشف خبر بني قريظة: هل نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صرح بذلك محمد بن عمر، وقصة حذيفة كانت لما اشتد الحصار على المسلمين بالخندق، وتمالت عليهم الطوائف، ووقع بين الأحزاب الاختلاف، وحذرت كل طائفة من الأخرى، وأرسل الله تعالى عليهم الريح، فندب النبي صلى الله عليه وسلم، من يأتيه بخبر قريش، فانتدب حذيفة، كما تقدم بيان ذلك في القصة.
الخامس: قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم إن العيش عيش الآخرة " إلخ، قال ابن بطال: هو مقول ابن رواحة تمثل به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولو كان ذلك من لفظه لم يكن بذلك شاعرا لعدم القصد، كما سيأتي تحقيقه في الخصائص.
وقوله: " فاغفر للمهاجرين والأنصار "، وفي رواية بتقديم الأنصار على المهاجرين، وكلاهما غير موزون، ولعله صلى الله عليه وسلم تعمد ذلك، وقيل. أصله " فاغفر للأنصار والمهاجرة " بجعل الهمزة همزة وصل. وقوله: " والعن عضلا والقارة " إلخ غير موزون، ولعله كان:
والعن إلهي عضلا والقارة وقوله: " إن الالى بقد بغوا علينا " ليس بموزون، وتحريره:
إن الذين قد بغوا علينا فذكر الراوي " الالى " بدل " الذين "، قد قاله الحافظ. وقال ابن التين: والأصل: " إن الالى هم قد بغوا علينا ".
السادس: ظاهر قول البراء: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كثير الشعر: أنه كان كثير شعر الصدر وليس كذلك، فإن في صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان دقيق المسربة، أي الشعر الذي في الصدر إلى البطن، فيمكن الجمع بأنه كان مع دقته كثيرا، أي لم يكن منتشرا، بل كان مستطيلا، وتقدم ذلك مبسوطا في أبواب صفاته.
السابع: سبق في القصة عن ابن إسحاق وغيره وصف حسان بن ثابت رضي الله عنه بالجبن، وأنه روي عن عروة بسند صحيح، وأنه روي عن أبيه الزبير، وصرح بذلك خلائق.
وأنكر ذلك أبو عمر وجماعة، واحتجوا لذلك بأن ما ذكره ابن إسحاق منقطع الاسناد، وبأنه لو صح لهجي به حسان، فإنه كان يهاجي الشعراء كضرار بن الخطاب، وابن الزبعرى، وغيرهما،