رواحة لأنشدن الله وعده، إن الله لا يخلف الميعاد " (1).
وروى ابن سعد وابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال، ثم جئت مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل، فإذا هو ساجد يقول: " يا حي يا قيوم "، لا يزيد عليهما، ثم رجعت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال. ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك [ففتح الله عليه] (2). وروى البيهقي بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما سمعت مناشدا ينشد مقالة أشد مناشدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه يوم بدر، جعل يقول: " اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد "، ثم التفت كأن وجهه شقه قمر، فقال: " كأنما أنظر إلى مصارع القوم العشية " (3).
وروى البيهقي، عن ابن عباس وحكيم بن حزام، وإبراهيم التيمي قالوا: لما حضر القتال رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يسأل الله النصر وما وعده، ويقول: " اللهم إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك، وما يقوم لك دين ". وأبو بكر يقول له: " والله لينصرنك الله وليبيضن وجهك ". وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش، ثم انتبه فأنزل الله عز وجل ألفا من الملائكة مردفين عند أكناف العدو وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل متعمم بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض، فلما نزل إلى الأرض تغيب عني ساعة، ثم طلع على ثناياه النقع يقول: " أتاك نصر الله إذ دعوته " (4).
وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان في يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف، بربه يقول: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام لا تعبد في الأرض "، فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ردائه، فقال:
يا نبي الله كفاك تناشد ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك " فأنزل الله تعالى: * (إذ تستغيثون ربكم