قال: وأصبح صوت بمكة عال بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول، وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه * رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به * فأفلح من أمسى رفيق محمد فيا لقصي ما زوى الله عنكم * به من فعال لا تجازى وسؤدد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها * فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت * له بصريح، ضرة الشاة (1) مزبد فغادره رهنا لديها لحالب * يدر لها في مصدر ثم مورد قال: وأصبح الناس، يعنى بمكة، وقد فقدوا نبيهم، فأخذوا على خيمتي أم معبد حتى لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وأجابه حسان بن ثابت:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم * وقد سر (2) من يسرى إليهم ويغتدي ترحل عن قوم فزالت عقولهم * وحل على قوم بنور مجدد وهل يستوى ضلال قوم تسفهوا * عمى وهداة يهتدون بمهتد نبي يرى ما لا يرى الناس حوله * ويتلو كتاب الله في كل مشهد وإن قال في يوم مقالة غائب * فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد ليهن أبا بكر سعادة جده * بصحبته من يسعد الله يسعد ويهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها للمسلمين بمرصد قال - يعنى عبد الملك بن وهب -: فبلغني أن أبا معبد أسلم وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.