حفر بنى سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: ويلكم من عدا على إلهنا هذه الليلة؟ ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطيبه وطهره ثم قال:
أما والله لو أعلم من فعل بك هذا لأخزينه. فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه ففعلوا مثل ذلك، فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى فيغسله ويطيبه ويطهره، ثم يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به مثل ذلك، فلما أكثروا عليه استخرجه من حيث ألقوه يوما فغسله وطهره وطيبه. ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال له: إني والله ما أعلم من يصنع بك ما أرى، فإن كان فيك خير فامتنع، هذا السيف معك. فلما أمسى ونام عمرو وعدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بنى سلمة فيها عذر من عذر الناس، وغدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به، فخرج يتبعه حتى إذا وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت، فلما رآه أبصر شأنه وكلمه من أسلم من قومه فأسلم برحمة الله وحسن إسلامه، فقال حين أسلم، وعرف من الله ما عرف، وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره، ويشكر الله الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة ويقول:
والله لو كنت إلها لم تكن * أنت وكلب وسط بئر في قرن أف لملقاك إلها مستدن * الآن فتشناك عن سوء الغبن الحمد لله العلى ذي المنن * الواهب الرزاق ديان الدين هو الذي أنقذني من قبل أن * أكون في ظلمة قبر مرتهن