قال: وفزع أصحاب عمر (1) إلى أسلحتهم ودوابهم فاستووا عليها ودنوا من الأزارقة، وإذا قطري بن الفجاءة أمام أصحابه يهدر كالفنيق من الإبل وهو يرتجز ويقول (2):
الليل فيه للشراة نيل * والليل فيه للغواة ويل وحفظهم فيها هوى وسيل * ورقين (3) كأنهن السيل والحرب فيها بهج وويل (4) * يوما بيوم وكذلك الليل (5) رجل لرجل خيل لخيل (6) قال: فلما سمع ابن معمر كلامه في سواد الليل قصده. قال: فحمل عليه قطري بن الفجاءة بعمود كان في يده، فضربه ضربة على بيضته فهشمها على رأسه، فولى ابن معمر من بين يديه هاربا [حتى] اختلط بأصحابه وتقدم عبيدة بن هلال اليشكري في قبيلة من الأزارقة وهو يرتجز ويقول (7):
كان المزوي (8) إذا بدا له * إن يلقح الحرب دعا أشباله ثم حداهم في الوغى فعاله (9) حتى يكونوا عندنا أمثاله لعل هذا طالب فعاله * لا تطمعن فينا فلن تناله قال: ورفعت الأزارقة المشاعل على رؤوس الجبال وأطراف الرماح واشتد القتال، فالتفت ابن معمر إلى رجل من عبد القيس يقال له الأعلم فقال له: ويحك يا أخا عبد القيس! إنك قد كنت مع المهلب في حروبه لهؤلاء القوم فكيف كان يصنع؟
فقال له الأعلم (10): أيها الأمير! إنه قد ذهب الرأي وبقي الصبر. قال: ثم تقدم الأعلم بسيفه نحو عبيدة بن هلال وهو يقول: