وسار عنه أبو السرايا إلى الرقة (1)، فلما وصلها لقيه محمد بن إبراهيم المعروف بابن طباطبا فبايعه وقال له: انحدر أنت في الماء وأسير أنا على البر حتى نوافي الكوفة، فدخلاها.
أول ما ابتدأ أبو السرايا بقصر العباس بن موسى بن عيسى، فأخذ ما فيه من الأموال والجواهر، وكان عظيما لا يحصى وبايعهم أهل الكوفة.
وقيل: كان سبب خروجه: أن أبا السرايا كان من رجال هرثمة فمطله بأرزاقه، فغضب ومضى إلى الكوفة فبايع ابن طباطبا وأخذ الكوفة واستوسق له أهلها، وأتاه الناس من نواحي الكوفة والأعراب فبايعوه، وكان العامل عليها الحسن بن سهل بن سليمان بن المنصور، فلامه الحسن ووجه زهير بن المسيب الضبي إلى الكوفة في عشرة آلاف فارس وراجل، فخرج إليه ابن طباطبا وأبو السرايا فواقعوه في قرية شاهي، فهزموه واستباحوا عسكره.
وكانت الوقعة سلخ جمادي الآخرة، فلما كان الغد مستهل رجب مات محمد ابن إبراهيم بن طباطبا فجأة، سمه أبو السرايا، وكان سبب ذلك: أنه لما غنم ما في عسكر زهير منع عنه أبو السرايا وكان الناس له مطيعين، فعلم أبو السرايا أنه لا حكم له معه، فسمه فمات وأخذ مكانه غلام أمرد يقال له: محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان الحكم إلى أبي السرايا، ورجع زهير إلى قصر ابن هبيرة فأقام به، ووجه الحسن بن سهل عبدوس بن محمد بن أبي خالد المروروذي في أربعة آلاف فارس، فخرج إليه أبو السرايا فلقيه بالجامع (2) لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب، فقتل عبدوسا ولم يفلت من أصحابه أحد، كانوا بين قتيل وأسير وانتشر الطالبيون في البلاد، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة، وسير جيوشه إلى البصرة وواسط ونواحيهما، فولى البصرة العباس بن محمد بن عيسى بن محمد الجعفري، وولى مكة الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي الذي يقال له: الأفطس، وجعل إليه الموسم، وولى اليمن إبراهيم بن موسى بن