الحمير ثم قوي حاله، فجمع نفرا فقتل رجلا من بني تميم بالجزيرة وأخذ ما معه، فطلب فاختفى وعبر الفرات إلى الجانب الشامي، فكان يقطع الطريق في تلك النواحي، ثم لحق بيزيد بن مزيد الشيباني بأرمينية ومعه ثلاثون فارسا، فقوده فجعل يقاتل معه الخرمية (1) وأثر فيهم وفتك وأخذ معه غلامه أبا الشوك، فلما عزل أسد عن أرمينية صار أبو السرايا إلى أحمد بن مزيد، فوجهه أحمد طليعة إلى عسكر هرثمة في فتنة الأمين والمأمون، وكانت شجاعته قد اشتهرت، فراسله هرثمة يستميله فمال إليه، فانتقل إلى عسكره وقصده العرب من الجزيرة واستخرج لهم الأرزاق من هرثمة، فصار معه نحو ألفي فارس وراجل فصار يخاطب بالأمير، فلما قتل الأمين نقصه هرثمة من أرزاقه وأرزاق أصحابه فاستأذنه في الحج، فأذن له وأعطاه عشرين ألف درهم، ففرقها في أصحابه ومضى وقال لهم: اتبعوني متفرقين.
ففعلوا فاجتمع معه منهم نحو مائتي فارس، فسار بهم إلى عين التمر (2) وحصر عاملها وأخذ ما معه من المال وفرقه في أصحابه، وسار فلقى عاملا آخر ومعه مال على ثلاثة بغال فأخذها وسار، فلحقه عسكر كان قد سيره هرثمة خلفه فعاد إليهم وقاتلهم فهزمهم، ودخل البرية وقسم المال بين أصحابه.
وانتشر جنده فلحق به من تخلف عنه من أصحابه وغيرهم فكثر جمعه، فسار نحو دقوقا (3) وعليها أبو ضرغامة العجلي في سبعمائة فارس، فخرج إليه فلقيه فاقتتلوا، فانهزم أبو ضرغامة ودخل قصر دقوقا فحصره أبو السرايا وأخرجه من القصر بالأمان وأخذ ما عنده من الأموال، وسار إلى الأنبار وعليها إبراهيم الشروي مولى المنصور، فقتله أبو السرايا وأخذ ما فيها، وسار عنها ثم عاد إليها بعد إدراك الغلال فاحتوى عليها، ثم ضجر من طول السري في البلاد فقصد الرقة، فمر بطوق ابن مالك التغلبي وهو يحارب القيسية، فأعانه عليهم وأقام معه أربعة أشهر يقاتل على غير طمع إلا للعصبية الربيعية على المضرية، فظفر طوق وانقادت له قيس.