قال: لا أحب ما لا يحب الله.
قال الحجاج: ويلك.
قال سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة فأدخل النار.
قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه.
قال: إني أشهدك يا حجاج أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، استحفظ كهن يا حجاج حتى ألقاك.
فلما أدبر ضحك، قال الحجاج: ما يضحكك يا سعيد؟
قال: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك.
قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها، اضربوا عنقه.
قال سعيد: حتى أصلي ركعتين، فاستقبل القبلة وهو يقول: ﴿وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أ نا من المشركين﴾ (١).
قال الحجاج: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى الذين تفرقوا واختلفوا بغيا بينهم فإنه من حزبهم.
فصرف عن القبلة، فقال سعيد: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ (2) الكافي بالسرائر.
قال الحجاج: لم نوكل بالسرائر وإنما وكلنا بالظواهر.
قال سعيد: اللهم لا تترك له ظلمي واطلبه بدمي واجعلني آخر قتيل يقتل من أمة محمد.
فضربت عنقه، ثم قال الحجاج: هاتوا من بقي من الخوارج.
فقرب إليه جماعة فأمر بضرب أعناقهم، وقال: ما أخاف إلا دعاء من هو في ذمة الجماعة من المظلومين، فأما أمثال هؤلاء فإنهم ظالمون حين خرجوا من جمهور المسلمين وقائد سبيل المتوسمين.
وقال قائل: إن الحجاج لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله وجعل يصيح:
قيودنا قيودنا، يعني القيود التي كانت في رجل سعيد بن جبير.