أيام.
ثم نزل ودعا مسلمة برواحله ولحق بالشام، فأتى رجل إلى خالد فقال له: إن سعيد بن جبير بواد من أودية مكة مختفيا بمكان كذا.
فأرسل خالد في طلبه فأتاه الرسول، فلما نظر إليه الرسول قال: إنما أمرت بأخذك وأتيت لأذهب بك إليه، وأعوذ بالله من ذلك، فالحق بأي بلد شئت وأنا معك.
قال له سعيد بن جبير: ألك هاهنا أهل وولد؟
قال: نعم.
قال: إنهم يؤخذون وينالهم من المكروه مثل الذي كان ينالنا.
قال الرسول: فإني أكلهم إلى الله.
فقال سعيد: لا يكون هذا.
فأتى به إلى خالد، فشده وثاقا وبعث به إلى الحجاج، فقال له رجل من أهل الشام: إن الحجاج قد أنذر (بك) (1) وأشعر قبلك فما عرض له، فلو جعلته فيما بينك وبين الله لكان أزكى من كل عمل يتقرب به إلى الله.
فقال خالد - وقد كان ظهره إلى الكعبة قد استند إليها -: والله لو علمت أن عبد الملك لا يرضى عني إلا بنقض هذا البيت حجرا حجرا لنقضته في مرضاته.
فلما قدم سعيد على الحجاج قال له: ما اسمك؟
قال: سعيد.
قال: ابن من؟
قال: ابن جبير.
قال: بل أنت شقي ابن كسير.
قال سعيد: أمي أعلم باسمي واسم أبي.
قال الحجاج: شقيت وشقيت أمك.
قال سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
قال الحجاج: لأوردنك حياض الموت.