ولما ولي الحجاج طلب كميل بن زياد فهرب منه فحرم قومه عطاهم، فلما رأى كميل ذلك قال: أنا شيخ كبير وقد نفد عمري ولا ينبغي أن أحرم قومي عطاءهم، فخرج فدفع بيده إلى الحجاج، فلما رآه قال له: لقد كنت أحببت أن أجد عليك سبيلا.
فقال له كميل: لا تصرف علي أنيابك ولا تهر علي، فوالله ما بقي من عمري إلا (كواثل الغبار) (1)، فاقض ما أنت قاض، فإن الموعد الله وبعد القتل الحساب، ولقد أخبرني أمير المؤمنين (عليه السلام) أنك قاتلي.
فقال له الحجاج: الحجة عليك إذن.
فقال له كميل: ذاك إذا كان القضاء إليك.
قال: بلى، قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان، اضربوا عنقه فضربت عنقه (2).
ويقول ابن حجر: أخرج ابن أبي الدنيا من طريق الأعمش قال: دخل الهيثم بن الأسود على الحجاج فقال له: ما فعل كميل بن زياد؟
قال: شيخ كبير في البيت.
قال: فأين هو؟
قال: ذلك شيخ كبير خرف.
فدعاه، فقال له: أنت صاحب عثمان.
قال: ما صنعت بعثمان.
قال: لطمني فطلبت القصاص فأقادني فعفوت.
قال: فأمر الحجاج بقتله (3).
وكان قتله سنة 82، وقيل: سنة 88 وهو ابن سبعين سنة على ما يقول ابن حجر في الإصابة عن ابن أبي خيثمة، وقبره عند الثوية معروف يزار ويتبرك به (4).