يخافون أن يظهروا لقرب كعب الخثعمي منهم، وكان قد أخذ عليهم أفواه السكك، فلما أتاهم أبو عثمان في جماعة من أصحابه نادى: يا لثارات الحسين، يا منصور أمت، أمت يا أيها الحي المهتدون، إن أمين آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل دير هند، وبعثني إليكم داعيا ومبشرا فأخرجوا رحمكم الله.
فخرجوا يتداعون: يا لثارات الحسين، وقاتلوا كعبا حتى خلى لهم الطريق، فأقبلوا إلى المختار فنزلوا معه، وخرج عبد الله بن قتادة في نحو مائتين فنزل مع المختار، وكان قد تعرض لهم كعب، فلما عرف أنهم من قومه خلى عنهم، وخرجت شبام وهم حي من همدان من آخر ليلتهم، فبلغ خبرهم عبد الرحمن بن سعيد الهمداني، فأرسل إليهم إن كنتم تريدون المختار فلا تمروا على جبانة السبيع، فلحقوا بالمختار فتوافى إلى المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة من اثني عشر ألفا كانوا بايعوه فاجتمعوا له قبل الفجر، فأصبح وقد فرغ من تعبئته وصلى بأصحابه بغلس، وأرسل ابن مطيع إلى الجبانين فأمر من بها أن يأتوا المسجد، وأمر راشد بن إياس فنادى في الناس: برئت الذمة من رجل لم يأت المسجد الليلة.
فاجتمعوا، فبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار، وبعث راشد بن إياس في أربعة آلاف من الشرط.
فسار شبث إلى المختار فبلغه خبره وقد فرغ من صلاة الصبح، فأرسل من أتاه بخبرهم، وأتى إلى المختار ذلك الوقت سعر بن أبي سعر الحنفي وهو من أصحابه لم يقدر على اتيانه إلا تلك الساعة، فرأى راشد بن إياس في طريقه فأخبر المختار خبره أيضا، فبعث المختار إبراهيم بن الأشتر إلى راشد في سبعمائة فارس وستمائة راجل (1)، وبعث نعيم بن هبيرة أخا مصقلة بن هبيرة في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل، وأمره بقتال شبث بن ربعي ومن معه وأمرهما بتعجيل القتال وأن لا يستهدفا لعدوهما فإنه أكثر منهما، فتوجه إبراهيم إلى راشد وقدم المختار يزيد بن أنس في موضع مسجد شبث بن ربعي في تسعمائة أمامه، فتوجه نعيم إلى شبث فقاتله قتالا شديدا فجعل نعيم سعر بن أبي سعر على الخيل ومشى هو في الرجالة فقاتلهم حتى أشرقت الشمس وانبسطت، فانهزم أصحاب شبث حتى دخلوا البيوت فناداهم