عبد الله بن مسعود وتقدم إليه في ذلك.
ولما عزل عثمان سعدا ولى الوليد بن عقبة الكوفة - وكان قبل ذلك عاملا على الجزيرة من عهد عمر - فلما قدم الوليد كان أحب الناس في الناس وأرفقهم بهم، فكان كذلك خمس سنين وليس على داره باب (1).
حدث في أثناء ولاية الوليد: أن شبابا من شباب الكوفة نقبوا (2) على ابن الحيسمان الخزاعي داره وكاثروه ونذر بهم فخرج إليهم بسيفه، فلما رأى كثرتهم استصرخ وكان أبو شريح الخزاعي جارا له - وهو من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقل أهله من المدينة إلى الكوفة ليكون قريبا من الغزو - فلما سمع استصراخ ابن الحيسمان أطل هو وابنه، فإذ هو بأولئك الشباب يقولون لجاره: لا تصح فإنما هي ضربة حتى نريحك.
وضربوه فقتلوه وأبو شريح يصيح بهم، وأحاط الناس بهم فأخذوهم وفيهم زهير بن جندب الأزدي، ومورع بن أبي مورع الأسدي، وشبيل بن أبي الأزدي، في عدة فشهد عليهم أبو شريح وابنه أنهم دخلوا عليه فقتله بعضهم.
فكتب الوليد إلى عثمان فيهم، وارتحل إليه أبو شريح ونقل أهله إلى المدينة.
ولهذا الحديث لما كثر أحدثت القسامة، وأخذ بقول ولي المقتول ليفطم الناس عن القتل عن ملأ من الناس يومئذ، وقال عثمان: القسامة على المدعى عليه، وعلى أوليائه يقسم منهم خمسون رجلا إذا لم تكن بينة، فإن نقصت قسامتهم أو إن نكل منهم رجل واحد ردت قسامتهم ووليها المدعون، فإن حلف منهم خمسون استحقوا وقد ثبت القتل على هؤلاء النفر.
فكتب فيهم الوليد إلى عثمان، فكتب إليه في قتلهم فقتلوا على باب القصر في الرحبة، وقد قال في ذلك عمرو بن عاصم التميمي:
لا تأكلوا أبدا جيرانكم سرفا * أهل الذعارة في ملك ابن عفان وقال:
إن ابن عفان الذي جربتموه * فطم اللصوص بمحكم الفرقان