حده.
فقال: وما يدريكم أنه ساحر؟
قالوا: يزعم ذاك.
قال: أساحر أنت؟
قال: نعم.
قال: وتدري ما السحر؟
قال: نعم، وثار إلى حمار فجعل يركبه من قبل ذنبه ويريهم أنه يدخل من فمه ويخرج من أسته ويدخل من أسته ويخرج من فمه.
فقال ابن مسعود: فاقتله.
فانطلق الوليد، فنادوا في المسجد: أن رجلا يلعب السحر عند الوليد.
جاء جندب - واغتنمها - يقول: أين هو حتى أريه، فضربه وقتله.
فاجتمع عبد الله والوليد على حبسه، وكان جندب يعتذر بأنه ما كان يعلم أن الوليد سيقيم الحد على ذلك الساحر، وأنه ظن أنه عطل حده فأراد أن يستوفيه.
وكتب الوليد إلى عثمان، فأجاب أن استحلفوه بالله ما علم برأيكم فيه وأنه لصادق فيما ظن من تعطيل حده وعزروه وخلوا سبيله، وتقدم إلى الناس في أن لا يعملوا بالظنون وأن لا يقيموا الحدود دون السلطان، فإنا نقيد المخطئ ونؤدب المصيب.
فعل به الوليد ما أمر به عثمان، وغضب لجندب أصحابه واتفقوا فيما بينهم على الكيد للوليد بالذهاب إلى المدينة، وشكوى الوليد إلى الخليفة واستعفائه منه، فجاؤوا عثمان فقال لهم: تعملون بالظنون وتخطؤون في الإسلام وتخرجون بغير إذن، ارجعوا.
فلما رجعوا إلى الكوفة لم يبق موتور في نفسه إلا أتاهم، فاجتمعوا على رأي فأصدروه ثم تغفلوا الوليد، وكان ليس عليه حجاب، فدخل عليه أبو زينب الأزدي وأبو مورع الأسدي، وبقيا معا إلى أن نام فسلا خاتمه من إصبعه وهو نائم، فلما لم يجد خاتمه بعد أن استيقظ سأل جاريتين له، فقالتا: جاءك رجلان وأحدهما كانت يده على يدك ثم وصفتهما له، فعرف أنهما أبو زينب وأبو مورع وقال: قد أرادوا داهية، فليت شعري ماذا يريدان وطلبهما فلم يجدهما، وكان وجههما المدينة