المهل، فإنه لا تحفزه المبادرة، ولا يخاف عليه فوت الثأر، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد. ثم ولت عنهم.
قال: فرأيت الناس حيارى وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم، ورأيت شيخا كبيرا من بني جعفي وقد اخضلت لحيته من دموع عينيه وهو يقول:
كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يبور ولا يخزي (١).
ومما نقموا به على أهل الكوفة: أنهم أبغضوا عمار بن ياسر (رضي الله عنه) ذلك العبد الصالح، وكان أميرا عليهم سنة وبعض سنة، حتى اجترأ عليه عطارد وقال له: أيها العبد الأجدع (٢).
وشكوه إلى عمر بن الخطاب وقالوا له: إنه لا يحتمل ما هو فيه، وإنه ليس بأمين ويرأ به أهل الكوفة، وقالوا: إنه غير كاف وغير عالم بالسياسة ولا يدري على ما استعملته.
فدعاه عمر، فخرج معه وفد، فكانوا أشد عليه ممن تخلف عنه، وكان منهم سعد بن مسعود الثقفي عم المختار وجرير بن عبد الله، فسعيا به فعزله عمر وقال عمر لعمار: أساءك العزل؟
قال: ما سرني حين استعملت ولقد ساءني حين عزلت.
فقال له: قد علمت ما أنت بصاحب عمل، ولكني تأولت ﴿نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين﴾ (3).
ثم أقبل عمر على أهل الكوفة فقال: من تريدون؟
قالوا: أبا موسى.
فأمره عليهم بعد عمار، وكان ذلك سنة 22 فأقام عليهم سنة، فباع غلامه العلف، فشكاه الوليد بن عبد شمس وجماعة معه وقالوا: إن غلامه يتجر في