فقدما على عثمان ومعهما نفر يعرفهم عثمان ممن قد عزل الوليد عن الأعمال فقال:
من يشهد؟
قالوا: أبو زينب وأبو مورع وكاع الآخران.
فقال: كيف رأيتماه؟
قالا: كنا من غاشيته فدخلنا عليه وهو يقيء الخمر، وفي رواية: اعتصرناها من لحيته وهو يقيئها.
فقال: ما يقيء الخمر إلا شاربها فبعث إليه، فلما قدم الوليد رآهما عند عثمان فقال:
ما إن خشيت على أمر خلوت به * فلم أخفك على أمثالها حار وحلف الوليد وأخبره خبرهم، فقال عثمان: نقيم الحدود ويبوء شاهد الزور بالنار فاصبر يا أخي.
وأمر سعيد بن العاص فجلده أربعين، فأورث ذلك عدواة بين ولديهما، والصحيح أن الذي جلده عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، لأن عليا (عليه السلام) أمر ابنه الحسن أن يجلده فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها.
فأمر عبد الله بن جعفر فجلده، وعزله عثمان عن الكوفة وولى بعده سعيد بن العاص، وكان بقية العاص بن أمية، وكان ذلك سنة 30 (1).
قدم سعيد أميرا على الكوفة ومعه أولئك النفر الذين كادوا للوليد ومنهم: أبو (خشة) (2) الغفاري، وجندب بن عبد الله، وأبو مصعب بن جثامة، فصعد سعيد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:
والله لقد بعثت إليكم وإني لكاره، ولكني لم أجد بدا إذ أمرت أن أئتمر، ألا إن الفتنة قد أطلعت خطمها وعينيها، ووالله لأضربن وجهها حتى أقمعها أو تعييني، وإني لرائد نفسي اليوم.
ونزل وسأل عن أهل الكوفة، فأقيم على حالها وما عليه أهلها، فكتب إلى عثمان بالذي انتهى إليه: أن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم وغلب أهل الشرف منهم والبيوتات والسابقة والقدمة، والغالب على تلك البلاد روادف ردفت وأعراب