هكذا كانت حال الأعمال الإسلامية في أوائل الإسلام، إلا ما قرب منها من مركز الخلافة كالشام في أيام بني أمية والعراق في أيام بني العباس.
فكان العمال في عهد الخلفاء الراشدين، قواد الجند الذين افتتحوا تلك الأعمال، وواجباتهم في الأكثر مراقبة سير الأحكام في البلاد التي افتتحوها وإقامة الصلاة واقتضاء الخراج.
إن أعمال الحكومة في البلاد المفتوحة في مصر والشام والعراق، ظلت سائرة على ما كانت عليه قبل الفتح إلى أواسط بني أمية، وبدأت ولايات الأعمال تتحول إلى حكومات محلية من أواخر دولة الراشدين حتى كانت أيام عبد الملك بن مروان، فأتم السيطرة الإسلامية بنقل الدواوين إلى رجل من المسلمين، ثم تنوعت الولايات وصارت درجات متفاوتة على ما اقتضاه الزمان والمكان، ولكنها ترجع إلى إمارتين: إمارة عامة وإمارة خاصة، والإمارة العامة ضربان: إمارة استكفاء وإمارة استيلاء، إمارة الاستكفاء أو إمارة التفويض: هي التي كان يعقدها الخليفة لمن يختاره من رجاله الأكفاء، فيفوض إليه إمارة الإقليم على جميع أهله، ويجعله عام النظر في كل أموره، ويشتمل نظره فيه على سبعة أمور:
الأول: تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي، وتقدير أرزاقهم إلا إذا كان الخليفة قدرها.
الثاني: النظر في الأحكام وتقليد القضاء والحكام.
الثالث: جباية الخراج وقبض الصدقات وتقليد العمال فيهما، وتفريق ما استحق منهما.
الرابع: حماية الدين والدفاع عن الحريم.
الخامس: إقامة حدود الشرع.
السادس: الإمامة في الصلوات.
السابع: تسيير الحج، وإذا كان الإقليم المشار إليه متآخما لعدو، ترتب على العامل أمر ثامن هو جهاد ذلك العدو، وقسمة الغنائم في المقاتلة وأخذ خمسها لأهل الخمس (1).