يقتله، فغبر بذلك دهرا.
قال: فأقبل قصار من أهل إفريقية، ومعه حمار له وكذين (1) فمر بهما، فلم يصل فأخذه الحرس فقال: مالي؟
فقالوا: لم تصل للغريين.
فقال: لم أعلم.
فذهبوا به إلى الملك فقالوا: هذا لم يصل للغريين.
فقال له: ما منعك أن تصلي لهما.
قال: لم أعلم، وأنا رجل غريب من أهل إفريقية، أحببت أن أكون في جوارك لأغسل ثيابك وثياب خاصتك، وأصيب من كنفك خيرا، ولو علمت لصليت لهما ألف ركعة.
فقال له: تمن.
فقال: وما أتمنى؟
فقال: لا تتمن الملك، ولا أن تنجي نفسك من القتل، وتمن ما شئت.
قال: فأدبر القصار وأقبل وخضع وتضرع وأقام عذره لغربته.
فأبى أن يقبل، فقال: إني أسألك عشرة آلاف درهم.
فقال: علي بعشرة آلاف درهم.
قال: وبريدا.
فأتى البريد فسلم إليه وقال: إذا أتيت إفريقية فسل عن منزل فلان القصار، فادفع هذه العشرة آلاف درهم إلى أهله.
ثم قال له الملك: تمن ثانية.
فقال: أضرب كل واحد منكم بهذا الكذين ثلاث ضربات: واحدة شديدة، وأخرى وسطى، وأخرى دون ذلك.
قال: فارتاب الملك ومكث طويلا ثم قال لجلسائه: ما ترون؟
قالوا: نرى أن لا تقطع سنة سنها آباؤك.
قالوا: فبمن تبدأ؟