مكان في الأرض هو الآن داخل المسجد في الزاوية ما بين القبلي والغرب، وأن المرادي لعنه الله لما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) في المسجد ضرب (عليه السلام) بيده على الأسطوانة فأثرت يده فيها فبقي أثر كفه في تلك الأسطوانة مدة، وأنه لما كثر مس الناس لها والتبرك بها انطمس وانمحى ذلك الأثر.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) حفر بالكوفة بئرا وليس بالكوفة بئر عذب ماؤها سوى تلك البئر التي حفرها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأن غيرها من الآبار مياهها مالحة ومرة، وأن الكوفة بحسب هذا الزمان خراب، وأغلب أهلها شيعة اثني عشرية وألسنتهم عربية، وفيها مزارات كثيرة للصحابة، وآخر نيشان قبر عبد الله بن بكر.
وفي سنة 86 لم يبق لها أثر، ومن جملة قبور الأكابر والمشايخ، قبر أبي عمر، والكوفة ثالث القرى السبعة، وكان لها ولايات كثيرة وتوابع عظيمة، ومداخل حكامها من أموال مقررة معروفة، وديارات عراق العرب وبساتينها فيها خراج كثير فبعضه مقرر معروف كان من القديم وبعضه كان حادثا، وكان يؤخذ من زراعة الشتوي والصيفي ثلث للديوان وثلث لصاحب الزراعة وثلث لبذل المصارف والبزر، وملاكية الكوفة في هذا الزمان مقررة من الديوان، ومن جهة طرف القبلة على بعد فرسخين من الكوفة مشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ويسمى المشهد الغروي، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أن ضربه المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة أوصى أن يحمل جسده الشريف بعد وفاته على بعير وقال: «إذا وضعتموني على ظهر البعير دعوه ينطلق ويسير بنفسه فأينما وقف البعير فادفنوني هناك».
ففعلوا ذلك، فأناخ البعير بمكان مشهده الآن.
وقال اليعقوبي أحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب في كتاب البلدان:
الكوفة مدينة العراق الكبرى، والمصر الأعظم، وقبة الإسلام، ودار هجرة المسلمين، وهي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق في سنة أربع عشرة، وبها خطط العرب، وهي على معظم الفرات ومنه شرب أهلها، وهي من أطيب البلدان وأفسحها وأغذاها وأوسعها، وخراجها داخل في خراج طساسيج السواد.
وطساسيجها التي تنسب إليها: طسوج الجبة وطسوج البدأة وفرات بادقلا والصالحين ونهر يوسف، والحيرة منها على ثلاثة أميال، والحيرة على النجف