وقال أيضا: ولما اجتوى (1) المسلمون المدائن بعدما نزلناها وآذاهم الغبار والذباب، وكتب إلى سعد في بعثه روادا يرتادون منزلا بريا بحريا، فإن العرب لا يصلحها من البلدان إلا ما أصلح البعير والشاة، سأل من قبله عن هذه الصفة فيما بينهم.
فأشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللسان - وظهر الكوفة يقال له:
اللسان، وهو فيما بين النهرين إلى العين عين بني الحذاء، كانت العرب تقول: أدلع البر لسانه في الريف، فما كان يلي الفرات منه فهو الملطاط، وما كان يلي الطين منه فهو النجاف - فكتب إلى سعد يأمره به.
وقال أيضا: لما قدم سلمان وحذيفة على سعد وأخبراه عن الكوفة، وقدم كتاب عمر بالذي ذكرا له، كتب سعد إلى القعقاع بن عمرو: أن خلف على الناس بجلولاء قباذ فيمن تبعكم إلى من كان معه من الحمراء، ففعل وجاء حتى قدم على سعد في جنده، وكتب سعد إلى عبد الله بن المعتم: أن خلف على الموصل مسلم ابن عبد الله الذي كان أسر أيام القادسية، فيمن استجاب لكم من الأساورة ومن كان معكم منهم، ففعل وجاء حتى قدم على سعد في جنده.
فارتحل سعد بالناس من المدائن حتى عسكر بالكوفة في المحرم سنة سبع عشرة، وكان بين وقعة المدائن ونزول الكوفة سنة وشهران، وكان بين قيام عمر وإختطاط الكوفة ثلاث سنين وثمانية أشهر، اختطت سنة أربع من إمارة عمر في المحرم سنة سبع عشرة من التاريخ، وأعطوا العطايا بالمدائن في المحرم من هذه السنة قبل أن يرتحلوا، وفي بهر سير في المحرم سنة ست عشرة، واستقر بأهل البصرة منزلهم اليوم بعد ثلاث نزلات قبلها كلها، ارتحلوا عنها في المحرم سنة سبع عشرة واستقر باقي قرارهما اليوم في شهر واحد.
وقال الواقدي: سمعت القاسم بن معين يقول: نزل الناس الكوفة في آخر سنة سبع عشرة.
قال: وحدثني ابن أبي الرقاد عن أبيه قال: نزلوها حين دخلت سنة ثمان عشرة في أول السنة.