فقال: هذه السنة التي خوفت فيها. فمات في علته (1).
وقد حكى العلامة الكبير السيد محمد الطباطبائي في رسالته التي ألفها في فضل مسجد الكوفة، القصة التي أشار إليها المجلسي في إعادة الحجر الأسود فقال: فقد حكي أنه - أي محمد بن قولويه - لما سمع أنه يعاد إلى مكة وكان هو ببغداد، عزم على المسير معه ليرى صاحب الأمر (عليه السلام)، لعلمه بأنه لا يضع الحجر مقامه إلا من عصمه الله سبحانه، فلما بلغ إلى الكوفة مرض مرضا شديدا عجز عن المسير معه، فأرسل أحدا من أمنائه بأموال كثيرة لقوام المسجد الحرام وخدمته وقال له: التمس منهم أن يحضروك عند الركن حين يضعون الحجر.
وأرسل بيده عريضة مختومة إلى صاحب الأمر (عليه السلام) وقال له: أعط هذا المكتوب من يضع الحجر مقامه.
فسار ذلك الأمين معه حتى وصلوا إلى مكة ففعل ما أمر به، فأحضره القوام عند الركن حين أرادوا وضع الحجر في مقامه، فرأى مشايخ العرب وصناديدهم جاؤوا ووضعوا الحجر في ثوب ورفعوا بأجمعهم ذلك الثوب حتى وصل محاذي مقام الحجر، فإذا بشاب حسن الهيئة قد أخذ الحجر من الثوب وأقامه مقامه، وخرج من بين القوم خارجا من المسجد، فسارع خلفه حتى أنه راح إلى خلف جبال مكة فنادى: «يا فلان جئني بكتاب محمد بن قولويه».
فذهب إليه وأعطاه إياه فقال: «قل لمحمد بن قولويه إني دعوت لك فقد عافاك الله من هذا الداء العضال وأنك ستمرض مرضا شديدا يقنط من برئه من يراك مكررا ويشفيك الله منها إلى ثلاثين سنة، ففي ساعة كذا من ليلة كذا يقبض الله روحك من غير مرض».
ثم غاب (عليه السلام) فقال ذلك الرسول، فحينئذ عرفت أنه صاحب الأمر، فلما رجع إلى بغداد أخبر صاحبه بما رأى وسمع، وكان محمد بن قولويه كثيرا ما يمرض بعد ذلك مرضا شديدا ييأس منه الأطباء والأقرباء وهو يؤنسهم ويقول: إني لا أموت من هذا المرض، فلما جاءت الليلة الموعودة جمع أقرباءه وخلطاءه وودعهم قائلا: إني أقبض في ساعة كذا من هذه الليلة.