زكرويه في أحد المواقع، فقام مقامه أبو طاهر القرمطي (1) وأخذ يقتل وينهب إلى سنة سبع عشرة وثلاثمائة، فقصد مكة المشرفة وفي يوم التروية دخلها وقتل الحاج قتلا ذريعا في المسجد الحرام وفي البيت وفي فجاج مكة، ونهب أموالهم وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر (2)، وخرج أهل مكة فقاتلوه فقتلهم كلهم، ثم إن أبا طاهر قلع باب البيت وأصعد الخبيث رجلا من أصحابه ليقلع الميزاب، فسقط الرجل ومات، وعمد اللعين القرمطي فطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام حيث قتلوا، وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه، ونهب دور أهل مكة، وصعد اللعين على البيت وقال شعرا:
أنا بالله وبالله أنا * يخلق الخلق وأفنيهم أنا وكان لما قلع الحجر الأسود قال شعرا:
ولو كان هذا البيت معبد ربنا * لصب علينا النار من فوقه صبا لأنا حججنا حجة جاهلية * مما حلة لم تبق شرقا ولا غربا وإنا تركنا بين زمزم والصفا * جنائز لا تبغي سوى ربها ربا وهذا الشعر دليل على كفره، ومكث الحجر عندهم اثنين وعشرين سنة (3)، وكان بحكم التركي الذي استولى على بغداد في أيام الراضي بالله، دفع إليهم خمسين ألف دينار على رده، فأبوا أن يردوه وحملوه إلى الكوفة وعلقوه بجامعها حتى رآه الناس، وفي سنة تسع وثلاثين ردوه إلى مكة وقالوا: أخذناه بأمر وأعدناه بأمر.
فأعادت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه في ذي القعدة (4).