الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة الكذاب (1). ترجم عليه قصة الأسود العنسي. ذكره في كتاب المغازي.
(1) (المرجع السابق): حديث رقم (4379) قوله: " قصة الأسود العنسي " بسكون النون، وحكى ابن التين جواز فتحها ولم أر له في ذلك سلفا.
قوله: " حدثنا سعيد بن محمد الجرمي " بفتح الجيم وسكون الراء، كوفي ثقة مكثر، ويعقوب بن إبراهيم هو ابن سعد الزهري، وصالح هو ابن كيسان.
قوله: " عن ابن عبيدة بن نشيط " بفتح النون وكسر الشين المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة.
قوله: " وكان في موضع آخر اسمه عبد الله " أراد بهذا أن ينبه على أن المبهم هو عبد الله بن عبيدة لا أخوه موسى، وموسى ضعيف جدا وأخوه عبد الله ثقة، وكان عبد الله أكبر من موسى بثمانين سنة. وفي هذا الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق: صالح بن كيسانوعبد الله بن عبيدةوعبيد الله بن عبد الله وهو ابن عتبة ابن مسعود. وساق البخاري عنه الحديث مرسلا. وقد ذكره في الباب الذي قبله موصلا لكن من رواية نافع بن جبير عن ابن عباس.
قوله: " في دار بنت الحارث وكان تحته ابنة الحارث بن كريز " وهي أم عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، والذي وقع هنا أنها أم عبد الله بن عامر، قيل: الصواب أم أولاد عبد الله بن عامر لأنها زوجته لا أمه، فإن أم ابن عامر ليلى بنت أبي حثمة العدوية. وهو اعتراض متجه. ولعله كان فيه أن عبد الله بن عبد الله بن عامر فإن لعبد الله بن عامر ولدا اسمه عبد الله كاسم أبيه، وهو من بنت الحارث واسمها كيسة بتشديد التحتانية بعدها مهملة وهي بنت عبد الله بن عامر بن كريز تحت مسيلمة الكذاب، وإذا ثبت ذلك ظهر السر في نزول مسيلمة وقومه عليها لكونها كانت امرأته وأما ما وقع عند ابن إسحاق أنهم نزلوا بدار بنت الحارث وذكر غيره أن اسمها رملة بنت الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن زيد وهي من الأنصار ثم من بني النجار ولها صحبة وتكنى أم ثابت، وكانت زوج معاذ بن عفراء الصحابي المشهور، فكلام ابن سعد يدل على أن دارها كانت معدة لنزول الوفود، فإنه ذكر في وفد بني محارب وبني كلاب وبني تغلب وغيرهم أنهم نزلوا في دار بنت الحارث، وكذا ذكر ابن إسحاق أن بني قريظة حبسوا في دار بنت الحارث وتعقب السهيلي موقع عند ابن إسحاق في قصة مسيلمة بأن الصواب بنت الحارث، وهو تعقب صحيح إلا أنه يمكن الجمع بأن يكون وفد بني حنيفة نزلوا بدار بنت الحارث كسائر الوفود ومسيلمة وحده نزل بدار زوجته بنت الحارث.
ثم ظهر لي أن الصواب ما وقع عند ابن إسحاق، وأن مسيلمة والوفد نزلوا في دار بنت الحارث وكانت دارها معدة للوفود، وكان يقال لها أيضا بنت الحارث، كذا صرح به محمد بن سعد في (طبقات النساء) فقال:
رملة بنت الحارث ويقال لها ابنة الحارث بن ثعلبة الأنصارية: وساق نسبها. وأما زوجة مسيلمة وهي كيسة بنت الحارث فلم تكن إذ ذاك بالمدينة وإنما كانت عند مسيلمة باليمامة، فلما قتل تزوجها ابن عمها عبد الله ابن عامر بعد ذلك. والله أعلم.
قوله: " ثم جعلته لنا بعدك " هذا مغاير لما ذكر ابن إسحاق أنه ادعى الشركة، إلا أن يحمل على أنه ادعى ذلك بعد أن رجع.
قوله: " فقال ابن عباس ذكر لي " كذا فيه بضم الذال من ذكر على البناء للمجهول، وقد وضح من حديث الباب قبله أن الذي ذكر له ذلك هو أبو هريرة.
قوله: " إسواران " بكسر الهمزة وسكون المهملة تثنية إسوار وهي لغة في السوار، وإسوار بالكسر ويجوز الضم، والأسوار أيضا صفة للكبير من الفرس: وهو بالضم والكسر معا بخلاف الإسوار من الحلي فإنه بالكسر فقط.
قوله: " ففظعتهما وكرهتهما " بفاء وظاء مشالة مكسورة بعدها عين مهملة، يقال: فظع الأمر فهو فظيع إذا جاوز المقدار، قال ابن الأثير: الفظيع الأمر الشديد، وجاء هنا متعديا، والمعروف فظعت به وفظعت منه فيحتمل التعدية على المعنى أي حفتهما، أو معنى فظعتهما اشتد على أمرهما. قلت: يؤيد الثاني قوله في الرواية الماضية قريبا " وكبرا على ".
قوله: " فقال عبد الله أحدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة الكذاب " أما مسيلمة فقد ذكرت خبره، وأما العنسي وفيروز فكان من قصته أن العنسي وهو الزسود واسمه عبهلة بن كعب وكان يقال له أيضا ذو الخمار بالخاء المعجمة لأنه كان يخمر وجهه، وقيل هو اسم شيطانه. وكان الأسود قد خرج بصنعاء وادعى النبوة وغلب على عامل صنعاء المهاجر بن أبي أمية، ويقال إنه مر به فلما حاذاه عثر الحمار فادعى أنه أنه سجد له، ولم يقم الحمار حتى قال له شيئا فقام، وروى يعقوب بن سفيان والبيهقي في " دلائل " من طريقه من حديث أن عمان بن بزرج بضم الموحدة وسكون الزاي ثم راء مضمومة ثم جيم قال: خرج أسود الكذاب وهو من بني عنس يعني بسكون النون وكان معه شيطانان يقال لأحدهما سحيق بمهملتين وقاف مصغر والآخر شقيق بمعجمة وقافين مصغر، وكانا يخبرانه بكل شئ يحدث من أمور الناس، وكان بأذان امل النبي صلى الله عليه وسلم بصنعاء فمات، فجاء شيطان الأسود فأخبره، فخرج في قوه حتى ملك صنعاء وتزوج المرزبانة زوجة بأذان، فذكر القصة في مواعدتها دادويه وفيروز وغيرهما حتى دخلوا على الأسود ليلا، وقد سقته المرزبانة الخمر صرفا حتى سكر، وكان على بابه ألف حارس. فنقب فيروز ومن معه الجدار حتى دخلوا فقتله فيروز واحتز رأسه، وأخرجوا المرأة وما أحبوا من متاع البيت، وأرسلوا الخبر إلى المدينة فوافى بذلك عند وفاةالنبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو الأسود عن عرة: أصيب الأسود قبل وفاةالنبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة، فأتاه لوحي فأخبر به أصحابه ، ثم جاء الخبر إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقيل وصل الخبر بذلك صبيحة دفنالنبي صلى الله عليه وسلم.