يقول: ما ضياع ما ضيع من إضاعة الرأي.
قال سيف: عن وائل بن داود، عن يزيد النهي، عن النبي قال: لتؤتوني بكتف ودواة، أكتب لأبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - كتابا لا يختلف عليه معه اثنان من بعدي فأتي بهما قال صلى الله عليه وسلم: ألا معاذ الله لأبي بكر من ذلك، ومعاذ الله أن تختلفوا على أبي بكر.
قال البيهقي رحمة الله: وإنما قصد عمر بن الخطاب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - بما قال في التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه قد غلب عليه الوجع، ولو كان ما يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب لهم شيئا مفروضا، لا يستغنون عنه أم يتركه باختلافهم ولغطهم لقول الله عز وجل: (بلغ ما أنزل إليك من ربك) (11) كما لم يترك تبليغ غيره بمخالفة من خالفه، ومعاداة من عاداه، وإنما أراد فيما حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أن يكتب استخلاف أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - ثم ترك كتابته اعتمادا على ما علم من تقدير الله تعالى ذلك كما هم به في ابتداء مرضه حين قال: وا رأساه، ثم بدا له صلى الله عليه وسلم أن لا يكتب، وقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر، نبه أمته على خلافته باستخلافه إياه في الصلاة حين عجز عن حضورها، وإن كان المراد به رفع الخلاف في الدين، قال عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: علم أن الله تعالى قد أكمل دينه بقوله: (اليوم أكملت لكم دينكم) (2) وعلم أنه لا يحدث واقعة إلى يوم القيامة إلا وفي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بيانها، نصا ودلالة وفي نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على جميع ذلك في مرض موته مع شدة وعكه، مما يشق عليه، فرأى عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - الاقتصار على ما سبق بيانه نصا أو دلالة، تخفيفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكيلا تزول فضيلة أهل العلم بالاجتهاد في الاستنباط وإلحاق الفروع بالأصول، بما دل الكتاب والسنة عليه، وفيما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، دليل على أنه وكل بيان بعض