وتعالى عنه - يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مشتملا قد طرح طرفي ثوبه على عاتقه عاصبا رأسه بعصابة، وقال بعد التشهد: يا معشر المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي هي عليها اليوم وإن الأنصار عيبتي التي أويت إليها فاحفظوني فيهم، فأكرموا كريمهم، واقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
قال: واعترض رجل فقال يا رسول الله: ما بال أبواب أمرت فيها أن تفتح وأبواب أمرت بها أن تغلق؟ فقال صلى الله عليه وسلم ما فتحتها ولا أوصدتها عن أمري.
وخرج البيهقي من حديث معن بن عيسى القزاز عن الحارث بن عبد الملك ابن عبد الله بن إياس الليثي، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك وعكا شديدا وقد عصب رأسه فقال: خذ بيدي يا فضل، قال: فأخذت بيده حتى قعد على المنبر ثم قال صلى الله عليه وسلم: ناد في الناس يا فضل، فناديت: الصلاة جامعة، قال: فاجتمعوا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا.
فقال: أما بعد، أيها الناس، وإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، ولن تروني في هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن غيره غير مغن عني حتى أقومه فيكم ألا فمن كنت جلدت له ظهرا، فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت أخذت له مالا، فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد، ولا يقولن قائل: أخاف الشحناء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وإن الشحناء ليست من شأني ولا من خلقي، وإن من أحبكم إلى من أخذ حقا إن كان له على وحللني، فلقيت الله تعالى وليست عندي لأحد مظلمة (1) قال: فقام رجل فيهم: فقال: يا رسول الله! لي عندك ثلاثة دراهم فقال صلى الله عليه وسلم: أما أنا فلا أكذب قائلا ولا مستحلفه على يمين، فيم كانت لك عندي؟ قال: أما تذكر أنه مر بك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم؟ قال