من سبع آبار شتى، حتى أخرج وأعهد إلى الناس، ففعلوا، فجلس على المنبر فكان أول ما ذكر بعد حمد الله تعالى والثناء على أصحاب أحد، فاستغفر لهم ودعا لهم، ثم قال: يا معشر المهاجرين، إنكم قد أصبحتم تزيدون والأنصار على هيئتها لا يزيدون، وإنهم عيبتي التي آويت إليها، فأكرموا كريمهم، وتجاوزوا عن مسيئهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن عبدا من عباد الله تعالى قد خيره الله تعالى بين الدنيا وبين ما عند الله تعالى فاختار ما عند الله عز وجل ففهمها أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - من بين الناس فبكى، ثم قال: نفديك بأنفسنا وآبائنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك يا أبا بكر، انظروا إلى هذه البيوت الشارعة في المسجد فسدوها، إلا ما كان من بيت أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى - فإني لا أعلم أحدا أفضل عندي يدا في الصحبة منه (1) قال البيهقي: هذا وإن كان مرسلا ففيه ما في حديث ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - من تاريخ هذه الخطبة وأنها كانت بعدما اغتسل ليعهد إلى الناس، وينعي نفسه إليهم.
وخرج من طريق الواقدي. قال حدثني فروة بن زبيد طوسأ، عن عائشة بنت سعد، عن أم ذرة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - رضي الله تبارك وتعالى عنها - قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا رأسه بخرقة، فلما استوى على المنبر أحدق الناس بالمنبر واستكفوا، فقال: والذي نفسي بيده إني لقائم على الحوض ساعة، ثم تشهد فلما قضى تشهده كان أول ما تكلم به أن استغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن عبدا من عباد الله تعالى خير بين الدنيا وبين ما عند الله عز وجل، فاختار العبد ما عند الله تعالى، فبكى أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فعجبنا لبكائه. وقال: بأبي وأمي، نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أعلمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: على رسلك. (1) وخرجه الواقدي عن عروة به، قال في آخره: قال عمر - رضي الله تبارك وتعالى