قالت: بلى إنه خير الناس) (1)، فرجع معها وقال: ما لقيت من غلامك الرومي؟ فخبرته خبره، فقتله عكرمة وهو يومئذ لم يسلم، فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت، قال: وجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها فتأبى عليه، وتقول: إنك كافر وأنا مسلمة، فيقول: إن أمرا منعك مني لأمر كبير، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عكرمة وثب إليه - وما على النبي صلى الله عليه وسلم رداء - فرحا بعكرمة، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف بين يديه ومعه امرأته منتقبة، فقال: يا محمد إن هذه أخبرتني أنك أمنتني، فقال:
صدقت، فأنت آمن، فقال عكرمة: فإلى ما تدع يا محمد؟ قال: أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفعل وتفعل حتى عد خصال الإيمان (2)، فقال عكرمة: والله ما دعوت إلا إلى الحق وإلى أمر حسن جميل، قد كنت فينا والله قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثا، وأبرنا برا، ثم قال عكرمة: فأني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (3)، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله علمني خير شئ أقوله، قال: خير شئ تقوله: أشهد من حضر أني مسلم مهاجر، فقال عكرمة: ذلك ثم ماذا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد من حضر أني مسلم مهاجر، فقال عكرمة ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسألني اليوم شيئا أعطيه أحدا إلا أعطيتكه، قال عكرمة:
فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها أو مسير أوضعت فيه أو مقام لقيتك فيه، أو كلام قلته في وجهك، أو وأنت غائب عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، فاغفر له وما نال مني من عرض في وجهي، أو وأنا غائب عنه، فقال عكرمة: رضيت يا رسول الله، ثم قال عكرمة: أما