قوله الأول، فأتاه النضر شاكرا له على ذلك، لإعظام قريش إياه، ومات أبو أحيحة في ماله بالطائف سنة اثنتين من الهجرة. يقال: في أول سنة من الهجرة، وله تسعون سنة، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف رأى قبر أبي أحيحة مشرفا، فقال أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: لعن الله صاحب هذا القبر، فإنه كان ممن يحاد الله ورسوله، فقال ابناه: عمرو وأبان:
لعن الله أبا قحافة (1) فإنه كان لا يقرى الضيف، ولا يرفع الضيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سب الأموات يؤذي الأحياء، فإذا سببتم فعموا.
ومنبه ونبيه ابنا الحجاج السهميان، كانا على مثل ما عليه أصحابهما من أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم والطعن عليه، وكانا يلقيانه فيقولان: أما وجد الله من يبعثه غيرك؟ إن ها هنا من هو أسن منك، وأيسر، فإن كنت صادقا فائتنا بملك يشهد لك، ويكون معك، وإذا ذكر لهما قال: معلم مجنون، يعلمه أهل الكتاب ما يأتي، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو عليهما، فأما منبه فقتله على - رضي الله تبارك وتعالى عنه -، ويقال أبو اليسر الأنصاري ويقال: أبو أسيد الساعدي ، وأما نبيه فقتلته أيضا على، وقتل العاصي بن منبه أيضا، وكان صاحب ذي الفقار (2)، وقيل: كان يف نبيه.
وزهير بن أبي أمية وحذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهو أخو أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - لأبيها، وكان ممن يظهر تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم وينكر ما جاء به، ويطعن عليه ويرد الناس عنه، وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عاتكة بنت عبد المطلب، وقد اختلف فيه فقيل:
إنه شخص يريد بذرا فسقط عن بعيره فمرض ومات، وقيل: أسر يوم بدر فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صار بمكة مات. وقيل: حضر وقعة أحد ومات بعدها بسهم أصابه، وقيل شخص إلى اليمن بعد الفتح فمات هناك كافرا، وقيل أتي الشام فمات هناك.
وعبد الله بن أبي أمية كان منهم، وأتي النبي صلى الله عليه وسلم في قوم من المشركين فقال له بعضهم: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، فإن ماء زمزم ملح. وقال آخر: إن لم تفعل هذا فإنا لن نؤمن لك حتى يكون لك بمكة جنان