أبلغ من ذكره عقوقه ما بلغ من ذكرها منه، لأنه وصفه بالحلف، والمهانة، والغيب للناس، والمشي بالنمائم، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء والدعوة، وألحق بدعاء لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة، كالوسم على الخرطوم. قال تبارك وتعالى: ﴿ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك زنيم * أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين * سنسمه على الخرطوم﴾ (1)، ولا خلاف أنها نزلت في الوليد بن المغيرة.
روي سفيان عن زكريا، عن الشعبي قال: العتل الشديد، والزنيم الذي له زنمة من الشر يعرف بها كما تعرف الشاة (2)، أراد الشعبي أنه قد لحقته شية (3) في الدعوة عرف بها كزنمة الشاة.
وقال الواقدي: مات الوليد بعد الهجرة بثلاثة أشهر أو نحوها وهو ابن خمس وسبعين (4) سنة، ودفن بالحجون، وابنه قيس بن الوليد من المعادين، وكان الوليد أحد المستهزئين فمر برجل يقال له حراث بن عامر بن خزاعة ويكني أبا قصاف، وهو يريش نبلا له، فوطئ على سهم منها فخدش أخمص رجله خدشا يسيرا، ويقال: علق بأداة فخدش ساقه خدشا خفيفا، فأهوى إليه جبريل عليه السلام فانتقض الخدش وضربته الأكلة في رجله أو ساقه فمات، وأوصي بنيه وقال: اطلبوا خزاعة بالسهم الذي أصابني فأعطت خزاعة ولده العقل (5) وقال: أنظروا عقرى عند أبي أزهر الدوسي، فلا يفوتكم فداء هشام بن الوليد على أبي أزيهر بعد بدر، فقتله بذي المجاز، ولقتل أبي أزيهر خبر مذكور.
والعاصي بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أخو أبي جهل، وأمية وأبي ابنا خلف، كان على شر ما يكون عليه أحد من أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكذيبه، وجاء أبي بعظم نخر ففتته في يده، ثم قل، زعمت