(ذكر) (١)، فأنزل الله فيه: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ (2)، فركب حمارا، ويقال:
بغلة له بيضاء، فلما صار بشعب من الشعاب وهو يريد الطائف، ربض به الحمار أو البغلة على سبرقة فأصابت رجله شوكة منها فانتفخت حتى صارت كعنق البعير، ومات.
ويقال: إنه لما ربض به حماره أو بغلته لذع فمات مكانه، وكان ابنه عمرو بن العاص يقول: لقد مات أبي وهو ابن خمس وثمانين سنة، وإنه يركب حمارا له من هذه الديانة إلى ماله بالطائف فتمشى عنه أكثر مما ركبه.
وقال الواقدي: مات العاصي بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بأشهر، وهو ابن خمس وثمانين سنة، وكان يكني أبا عمرو، وقال ابن سعد: قلت للواقدي: قال الله عز وجل: (إنا كفيناك المستهزئين) وهذه السورة مكية (3)، فقال: قد سألت مالكا وابن أبي ذئيب عن هذا فقالا: كفاه إياهم، فبعضهم مات وبعضهم عمي، فشغل عنه، وبعضهم كفاه إياه، أذهب ماله من أسباب مفارقته بالهجرة هاهنا، وقال غيرهما: كفاه أمرهم فلم يضروه بشئ مما كادوه.
والنضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار أبو قائد، وكان أشد قريش معاداة بالأذى لرسول الله () والتكذيب، فأسر ببدر وضربت عنقه وقد تقدم ذكره.
وأبو أحيحة سعيد بن العاصي بن أمية كان، يقول: دعوا محمدا ولا تعرضوا له فإن كان ما يقول حقا كان فينا دون غيرنا من قريش، وإن كان كاذبا قامت به قريش دونكم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر عليه فيقول: إنه ليتكلم من السماء، حتى أتاه النضر بن الحارث - فقال: بلغني أنك تحسن القول في محمد! وكيف ذاك؟ وهو يسب آلهتنا، ويزعم أن آباءنا في النار، ويتوعد من لم يتبعه بالعذاب، فأظهر أبو أحيحة عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذمة وعيب ما جاء به، وجعل يقول: ما سمعنا بمثل ما جاء به في يهودية ولا نصرانية، وكان أبو أحيحة ذا شرف بمكة، وكان إذا اعتم لم يعتم أحد بمكة، إذ لم يعتم أحد بعمامة على لون عمامته إعظاما له. فقويت أنفس المشركين حين رجع عن