يريد من هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر القفيز والدرهم قبل أن يضعه عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - على الأرض (1).
وقال (أبو عبيد) الهروي (2) في هذا الحديث: قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يكن، وهو في علم الله - تعالى - كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي، لأنه ماض في علم الله عز وجل، وفي إعلامه بهذا قبل وقوعه ما دل على إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم ودل على رضاه من عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -، ووظفه على الكفرة من الجزية في الأمصار.
وفي تفسير المنع وجهان: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنهم سيسلمون وسيسقط عنهم ما وظف عليهم بإسلامهم فصاروا مانعين بإسلامهم ما وظف عليهم بإسلامهم، والدليل على ذلك قوله في الحديث: " وعدتم من حيث بدأتم " لأنه بدأهم في علم الله وفيما قدر وفيما قضى أنهم سيسلمون فعادوا من حيث بدأوا.
وقيل في قوله صلى الله عليه وسلم: منعت العراق درهمها " أنهم يرجعون عن الطاعة، وهذا يعني أن العجم والروم يستولون على البلاد في آخر الزمان فيمنعون حصول ذلك للمسلمين. (وهذا وجه، والأول أحسن) (3).
قال البيهقي: وتفسيره، فذكر ما خرجه مسلم من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فقال: يوشك أهل العراق لا يجني إليهم درهم ولا قفيز، قالوا: مما ذاك يا أبا عبد الله؟ قال: من قبل العجم يمنعون