وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق وقال: قال عبد الله: خمس قد مضين: الدخان، واللزام، والبطشة، والفرس والروم.
وكان من خبر هذه الحادثة أن كسرى أبرويز بن هرمز ملك فارس تزوج مريم ابنة موريق قيصر ملك الروم فإنه من القسطنطينية دار ملك الروم في تجمل عظيم ومعها عسكر عدته سبعون ألفا نجدة له على أعدائه، فسار بهم إلى أذربيجان، وحارب عدوه بهرام جوهين وهزمه، وعاد إلى المدائن دار ملك الأكاسرة، فنوطه ملكه وأعاد عساكر الروم إلى بلادهم بالحباء والكرامة فلما كان بعد أربع عشرة سنة من ملكه ثار على موريق قائد له يقال له:
فوقاص وقتله، وملك بعده على الروم ودعي قيصر وتتبع أولاد موريق فقتلهم إلا واحدا منهم فر إلى كسرى أبرويز وأعلمه بما كان من قتل أبيه وإخوته، فغضب لذلك وندب فرحان يقال له شهر براز لمحاربة الروم على عساكر كثيرة، وأخرج معه قائد من قواده، فمضى أحدهما في طائفة من العسكر إلى الشام فخرب معابد الروم وقتل رجالهم وأسروهم وسبي ونهب الأموال وتهبط القدس، وبعث بخشبة الصليب إلى كسرى، ومضى القائد الآخر إلى مصر، وملك الإسكندرية وقد صالحه أهل مصر وسار فرحان شهر براز فوطئ الشام ولقي جيوش الروم بأذرعات وبصري فهزمها وظفر، وسبا، وغنم، ومضى إلى بلاد الروم فقتل وسبي وخرب المدائن، وقطع الأشجار حتى نزل على خليج القسطنطينية، وبعث إليهم أهل صلوقية بعدة سفن تحمل المير، وعليها هرقل بن هرقل التونيس أحد البطارقة فسروا بقدومه، وجاءه الأعيان (فرضوا) منه عقلا رصينا، وحزما وافرا، وسياسة جيدة ورأيا صائبا، فكلمهم بما نزل بهم من الفتن والشدائد وطعن على الملك فوقاص قيصر وما زال بهم حتى رضوا به ملكا عليهم وخلفوا له فثار بهم على فوقاص وقلبه واستبد بملك الروم، وكتب إلى كسرى أن يلتزم في كل سنة بحمل ألف قنطار من ذهب، وألف قنطار من فضة، وألف جارية بكر، وألف فرس، وألف ثوب أطلس، وأن يعجل قطيعة سنة، فالتزم ذلك وسأل أن يفرج عن حصاره وأن يمهله ستة أشهر حتى يخرج إلى الأعمال، ويحيى ذلك منها كل ذلك خديعة منه، فمشي على كسرى ذلك وأمرنا بالإفراج عنه فتنحت العساكر إلى بعض المروج وخرج هرقل من القسطنطينية بعد ما أقام عليها أخاه قسطنطين، وانتخب معه خمسة آلاف فارس، فأوغل في بلاد أرمينية، وقصد الجزيرة ونزل على نصيبين، وقاتل أهلها حتى ملكها، وقتل