كان برأي رأيته فليس ذلك بصواب، فترك رأيه لرأيهم، فثبت أن ما يتعلق بالأمور الدنيوية، فحال الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره فيه، سواء، والمشاورة فيه مستحسنة له ولغيره.
قال المرسي: الأمور الممكنة على ضربين، منها ما جعل الله - تعالى - فيه عادة مطردة تنخزم، فهذا مما لا يستشار فيه، بل من علم العادة كان أعلم ممن لا يعلمها.
والضرب الثاني: ما كانت العادة فيه أكثر، ورأيه فيها أصوب، ألا ترى أن من حاول التجارة علم وقت رخصها، وغلائها، وما يصلح، فيستشار فيها لعلمه بالأكثر وقوعا من الصلاح فيها، ولهذا ينبغي أن يستشار أرباب كل فن في فنهم، والاستشارة لا تعدو هذا، والله - تبارك وتعالى - أعلم.
قلت: صحيح ما أورده المرسي، ومع صحته فلا يمنع كون مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم عيينة أو همه بمصالحته، كان رأيا من عند نفسه، بحسب ما رآه من مصلحة الناس، وهو مأخوذ من المشورة، فكأنه أشاد بهذا، بل الحديث مصرح به فتأمله (1).