يريدون ينحرون جزورا لهم، فقلت: إن شئتم كفيتم نحرها، وعملها، وأعطوني منها، ففعلت، فأعطوني منها شيئا، فصنعته ثم أتيت عمر بن الخطاب، فسألني من أين هو؟ فأخبرته، فقال: أسمعك قد تعجلت أجرك، وأبى أن يأكله، فلما رأيت ذلك تركتهما، ثم أبردوني في فتح لنا، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صاحب الجزور؟ ولم يزد على ذلك.
وذكره البيهقي (1) من طريق يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابن عثمان، عن عبد الله بن المبارك، ومن طريق عمرو، وحدثني يعقوب بن الربيع، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، فذكره.
وقال الواقدي - رحمه الله - في (مغازيه) (2): وكان عوف بن مالك الأشجعي رفيقا لأبي بكر وعمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - في رحلهما، فخرج يوما عوف في العسكر، فمر بقوم في أيديهم جزور، وقد عجزوا عن عملها، وكان عوف هذا عالما بالجزر، فقال: أتعطوني عليها، وأقسمها بينكم؟ قالوا: نعم نعطيك عشيرا منها، فنحرها، ثم جزأها بينهم، وأعطوه منها جزءا، فأخذه، فأتى به أصحابه، فطبخوه، وأكلوا منه، فلما فرغوا قال أبو بكر وعمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهما -: من أين لك هذا اللحم؟ فأخبرهما، فقالا: والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا، ثم قاما يتقيآن، فلما فعل ذلك أبو بكر، وعمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - فعل ذلك الجيش.
قال أبو بكر وعمر لعوف: تعجلت أجرك، ثم أتى أبا عبيدة - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فقال له: مثل ذلك.
وكان عمرو بن العاص - رضي الله تبارك وتعالى عنه - حين قفلنا احتلم في ليلة باردة كأشد ما يكون من البرد، فقال لأصحابه: ما ترون؟ قد والله احتلمت وإن اغتسلت مت، فدعا بماء، فتوضأ، وغسل فرجه، وتيمم، ثم قام، فصلى بهم، فكان أول من بعث عوف بن مالك بريدا.