أصحابه، قال: فكسر غمد سيفه، ثم قاتل حتى قتل، وقد جرح رجلين وقتل واحد، فقال عاصم وهو يقاتل:
أنا أبو سليمان ومثلي رامي * ورثت مجدا معشرا كراما أصبت مرثدا وخالدا قياما ثم شرعوا فيه الأسنة حتى قتلوه، وكانت سلافة بنت سعد بن الشهيد قد قتل زوجها وبنوها أربعة، قد كان عاصم قتل منهم اثنين، الحارث، ومسافعا، فندرت لئن أمكنها الله منه أن تشرب في قحف رأسه الخمر، وجعلت لمن جاء برأس عاصم مائة ناقة، قد علمت ذلك العرب وعلمته بنو لحيان فأرادوا أن يحتزوا رأس عاصم ليذهبوا به إلى سلافة بنت سعد ليأخذوا منها مائة ناقة.
فبعث الله - تبارك وتعالى - عليهم الدبر فحمته فلم يدن إليه أحد إلا لدغت وجهه، وجاء منها شئ كثير لا طاقة لأحد به، فقالوا: دعوه إلى الليل، فإنه إذا جاء الليل ذهب عنه الدبر، فلما جاء الليل بعث الله عليه سيلا - وكنا ما نرى في السماء سحابا في وجه من الوجوه - فأحتمله فذهب به فلم يصلوا إليه، فقال: عمر بن الخطاب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - وهو يذكر عاصما - وكان عاصم نذر ألا يمس مشركا ولا يمسه مشرك تنجسا به، فقال عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: إن الله - عز وجل - ليحفظ المؤمنين، فمنعه الله - عز وجل - أن يمسوه بعد وفاته كما امتنع في حياته.
وقاتل معتبين عبيد حتى جرح فيهم، ثم خلصوا إليه فقتلوه، وخرجوا بخبيب، وعبد الله بن طارق، وزيد بن الدثنة حتى إذا كانوا بمر الظهران، وهم موثقون بأوتار قسيهم، قال عبد الله بن طارق: هذا أول الغدر! والله لا أصاحبكم، إن لي في هؤلاء لأسوة - يعني القتل، فعالجوه فأبى، ونزع يده من رباطه، ثم أخذ سيفه، - فانحازوا عنه، فجعل يشد فيهم وينفرجون عنه، فرموه بالحجارة حتى قتلوه - فقبره بمر الظهران، وخرجوا بخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة حتى قدموا بهما مكة، فأما خبيب فابتاعه حجير بن أبي إهاب بثمانين مثقال ذهب، ويقال اشتراه بخمسين فريضة، ويقال اشترته ابنة الحارث بن عامر بن نوفل بمائة من الإبل، وكان حجير إنما اشتراه لابن أخيه عقبة بن الحارث بن عامر ليقتله بأبيه - قتل يوم بدر -، وأما زيد بن الدثنة،