فقدم سبعة نفر من عضل والقارة - وهما حيان إلى خزيمة - مقرين بالاسلام، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا فينا إسلاما فاشيا، فابعث معنا نفرا من أصحابك يقرئوننا القرآن، ويفقهوننا في الإسلام، فبعث معهم سبعة نفر:
مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وخالد بن أبي البكير، وعبد الله بن طارق البلوي حليف في بني ظفر، وأخاه لأمه معتب بن عبيد، حليف بن بني ظفر، وخبيب بن عدي بن بلحارث بن الخزرج، وزيد بن الدثنة من بني بياضة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، ويقال: كانوا عشرة وأميرهم مرثد بن أبي مرثد، ويقال أميرهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.
فخرجوا حتى إذا كانوا بماء لهذيل - يقال له الرجيع قريب من الهدة - خرج النفر فاستصرخوا عليهم أصحابهم الذين بعثهم اللحيانيون، فلم يرع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا بالقوم، مائة رام وفي أيديهم السيوف، فاخترط أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسيافهم، ثم قاموا، فقال العدو: ما نريد قتالكم، وما نريد إلا أن نصيب منكم من أهل مكة ثمنا، ولكم عهد الله وميثاقه لا نقتلكم.
فأما خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق فاستأسروا، وقال خبيب: إن لي عند القوم يدا، وأما عاصم بن ثابت، ومرثد، وخالد بن أبي البكير، ومعتب بن عبيد، فأبوا أن يقبلوا جوارهم ولا أمانهم، وقال عاصم بن ثابت: إني نذرت ألا أقبل جوار مشرك أبدا، فجعل عاصم يقاتلهم وهو يقول:
ما علتي وأنا جلد نابل * النبل والقوس لها بلابل نزل عن صفحتها المعابل * الموت حق والحياة باطل وكل ما حم الإله نازل * بالمرء والمرء إليه آئل إن لم أقاتلكم فأمي هابل (1) قال الواقدي: ما رأيت من أصحابنا أحدا يدفعه، قال: فرماهم بالنبل حتى فنيت نبله، ثم طعنهم بالرمح حتى كسر رمحه، وبقي السيف فقال: اللهم حميت دينك أول نهاري فاحم لي لحمي آخره! وكانوا يجردون كل من قتل من