ظفرتما لمن تجعلان الأمر؟ أصدقاني. قالا: نجعله لأحدنا أينا اختاره الناس، قال: بل تجعلونه لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه. فقالا: ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأيتام! قال: فلا أراني أسعى إلا لإخراجها من بني عبد مناف. فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أسيد، وقال المغيرة بن شعبة: الرأي ما قال سعيد، من كان ههنا من ثقيف فليرجع. فرجع ومضى القوم ومعهم أبان والوليد ابنا عثمان، وأعطى يعلي بن منية عائشة جملا اسمه عسكر اشتراه بثمانين دينارا فركبته، وقيل: بل كان جملها لرجل من عرينة.
قال العرني: بينما أنا أسير على جمل إذ عرض لي راكب فقال: أتبيع جملك؟؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: بألف درهم، قال: أمجنون أنت؟.
قلت: ولم؟ والله ما طلبت عليه أحدا إلا أدركته ولا طلبني وأنا عليه أحد إلا فته، قال: لو تعلم لمن نريده! إنما نريده لأم المؤمنين عائشة! فقلت: خذه بغير ثمن. قال: بل ترجع معنا إلى الرحل فنعطيك ناقة ودراهم، قال:
فرجعت معه فأعطوني ناقة مهرية وأربعمائة درهم أو ستمائة، وقالوا لي: يا أخا عرينة هل لك دلالة بالطريق؟ قلت: أنا من أدل الناس. قالوا: فسر معنا، فسرت معهم فلا أمر على واد إلا سألوني عنه، حتى طرقنا الحوأب، وهو ماء، فنبحتنا كلابه، فقالوا: أي ماء هذا؟ فقلت هذا ماء الحوأب، فصرخت عائشة بأعلى صوتها وقالت: إن لله وإن إليه راجعون، إني لهيه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب، ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته وقالت: ردوني، أنا والله صاحبة ماء الحوأب، فأناخوا حولها يوما وليلة، فقال لها عبد الله بن الزبير: إنه كذب، ولم يزل بها وهي تمتنع، فقال لها: النجاء النجاء! قد أدرككم علي بن أبي طالب، فارتحلوا نحو البصرة، ولما بلغ ذلك أهل البصرة دعا عثمان بن حنيف عمران بن حصين وكان رجل عامة، وألزه بأبي الأسود الدئلي، وكان رجل خاصة، وقال لهما: انطلقا إلى هذه المرأة فاعلما علمها، وعلم من معها. فخرجا فانتهيا إليها بالحفير، فأذنت لهما، فدخلا وسلما وقالا: إن أميرنا بعثنا إليك لنسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتنا؟ فقالت: والله ما مثلي يعطي لبنيه الخبر، إن الغوغاء ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثوا فيه