ابن عقبة يؤخرها في زمن عثمان، وكان ابن مسعود - رضي الله تبارك وتعالى عنه - ينكر ذلك عليه، ومن أجل ذلك حدث ابن مسعود بالحديث في ذلك، وكانت وفاة ابن مسعود في خلافة عثمان، قال: وإنما صلى من صلى إيماء وقاعدا لخوف خروج الوقت، وللخوف على نفسه القتل والضرب، ومن كان شأنه التأخير لم يؤمن عليه فوات الوقت من المدينة والشام إلا على إنكاره عليهم تأخير الصلاة، ولا يصح عندي إخراجه من المدينة ذلك، وإنما حمل العلماء - والله أعلم - الصلاة معهم أمره صلى الله عليه وسلم بذلك، وحضه على لزوم الجماعة، وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: كيف بك يا أبا ذر إذا كان عليك أمراء؟ ويقوله لكبار الصحابة الذين رووا الحديث: يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة، دليل على تأخير الصلاة عن وقتها، وقد كان قبل زمن الوليد بن عبد الملك لأن أبا ذر توفي في خلافة عثمان بالربذة (1)، ودفن بها على قارعة الطرق، وصلى عليه ابن مسعود منصرفه من الكوفة إلى المدينة، وتوفي ابن مسعود بالمدينة بعد ذلك بيسير، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر وغيره:
سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، ولم يقل: خلفا، دليل على أن عثمان - رضي الله تبارك وتعالى عنه - لم يكن يؤخر الصلاة، ولا يظن ذلك مسلم به لأن عثمان من الخلفاء لا من الأمراء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، فسماهم خلفاء، وقال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم إمارة، وملكا، وجبروتا، فتضمنت الخلافة هذه الأربعة.