الإسلام على خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، فإن هلكوا فسبيل من هلك، وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة (1).
(١) (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان): ١٥ / ٤٦، كتاب التاريخ، باب (١٠) إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، ذكر خبر شنع به بعض المعطلة وأهل البدع على أصحاب الحديث حيث حرموا توفيق الإصابة لمعناه، حديث رقم (٦٦٦٤) وقال: في هامشه:
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. سليمان بن أبي سليمان: هو أبو إسحاق الشيباني، والقاسم بن عبد الرحمن: هو القاسم بن عبد الله بن مسعود الهذلي.
ثم قال بعقب هذا الحديث: هذا خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا، وزعموا أن أصحاب الحديث حشوية، يروون ما يدفعه العيان والحس، ويصححونه، فإن سئلوا عن وصف ذلك قالوا: نؤمن به ولا نفسره.
ولسنا بحمد الله ومنه مما رمينا في شئ، بل نقول: إن المصطفى صلى الله عليه وسلم ما خاطب أمته قط بشئ لم يعقل عنه، ولا في سننه شئ لا يعلم معناه، ومن زعم أن السنن إذا صحت يجب أن تروى ويؤمن بها من غير أن تفسر ويعقل معناها، فقد قدح في الرسالة، اللهم إلا أن تكون في السنن الأخبار التي فيها صفات الله جل وعلا، التي يقع فيها التكييف، بل على الناس الإيمان بها.
ومعنى هذا الخبر عندنا مما نقول في كتبنا: إن العرب تطلق اسم الشئ بالكلية على بعض أجزائه، وتطلق العرب في لغتها اسم النهاية على بدايتها، واسم البداية على نهايتها، أراد صلى الله عليه وسلم بقوله: تدور رحى الإسلام على خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، زوال الأمر عن بني هاشم إلى بني أمية، لأن الحكمين كان في آخر سنة ست وثلاثين، فلما تلعثم الأمر على بني هاشم وشاركهم فيه بنو أمية، أطلق صلى الله عليه وسلم اسم نهاية أمرهم على بدايته، وقد ذكرنا استخلافهم واحدا واحدا إلى أن ماتعمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومئة، وبايع الناس في ذلك يزيد بن عبد الملك، وتوفي يزيد بن عبد الملك ببلقاء من أرض الشام (وهي اليوم إحدى محافظات المملكة الأردنية الهاشمية) يوم الجمعة لخمس ليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة، وبايع الناس هشام بن عبد الملك أخاه في ذلك اليوم، فولى هشام خالد بن عبد الله القسري العراق، وعزل عمر بن هبيرة في أول سنة ست ومائة، وظهرت الدعاة بخراسانلبني العباس، وبايعوا سليمان بن كثير الخزاعي الداعي إلى بني هاشم، فخرج في سنة ست ومائة إلى مكة، وبايعه الناس لبني هاشم، فكان ذلك تلعثم أمور بني أمية، حيث شاركهم فيه بنو هاشم، فأطلق اسم نهاية أمرهم على بدايته، وقال: وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة، يريد على ما كانوا عليه.
(الإحسان): 15 / 47 - 49.