علي بن ظبيان أبو الحسن العبسي قاضي الشرقية من بغداد، ولاه الرشيد ذلك. كان ثقة عالما من أصحاب أبي حنيفة، ثم ولاه الرشيد قضاء القضاة، وكان الرشيد يخرج معه إذا خرج من عنده، مات بقوميسين في هذه السنة.
العباس بن الأحنف ابن الأسود بن طلحة الشاعر المشهور، كان من عرب خراسان ونشأ ببغداد، وكان لطيفا ظريفا مقبولا حسن الشعر. قال أبو العباس قال عبد الله بن المعتز: لو قيل لي من أحسن الناس شعرا تعرفه؟
لقلت العباس:
قد سحب الناس أذيال الظنون بنا * وفرق الناس فينا قولهم فرقا فكاذب قد رمى بالظن (1) غيركم * وصادق ليس يدري أنه صدقا وقد طلبه الرشيد ذات ليلة في أثناء الليل فانزعج لذلك وخاف نساؤه، فلما وقف بين يدي الرشيد قال له: ويحك إنه قد عن لي بيت في جارية لي فأحببت أن تشفعه بمثله، فقال: يا أمير المؤمنين ما خفت أعظم من هذه الليلة، فقال: ولم؟ فذكر له دخول الحرس عليه في الليل، ثم جلس حتى سكن روعه ثم قال: ما قلت يا أمير المؤمنين؟ فقال:
حنان قد رأيناها * فلم نر مثلها بشرا يزيدك وجهها حسنا * إذا ما زدته نظرا فقال الرشيد: زد. فقال:
إذا ما الليل مال عليك * بالاظلام واعتكرا ودج فلم تر فجرا (2) * فأبرزها تر قمرا فقال: إنا قد رأيناها، وقد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم. ومن شعره الذي أقر له فيه بشار بن برد وأثبته في سلك الشعراء بسببه قوله:
أبكي الذين أذاقوني مودتهم * حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا واستنهضوني فلما قمت منتصبا * بثقل ما حملوني منهم قعدوا