ثم جاء أبو نواس فقرأها فقال: أحسن قائله والله. والله لوددت أنها لي بجميع شئ قلته، لمن هذه؟ قيل له: لأبي العتاهية، فأخذ فكتب في جانبها:
سبحان من خلق الخلق * من ضعف مهين يسوقه من قرار * إلى قرار مكين يخلق شيئا فشيئا * في الحجب دون العيون حتى بدت حركات * مخلوقة في سكون ومن شعره المستجاد قوله:
انقطعت شدتي فعفت الملاهي إذ * رمى الشيب مفرقي بالدواهي ونهتني النهى فملت إلى العدل * وأشفقت من مقالة ناهي أيها الغافل المقر على السهو * ولا عذر في المعاد لساهي لا بأعمالنا نطيق خلاصا * يوم تبدو السماء فوق الجباه على أنا على الإساءة والتفريط * نرجو من حسن عفو الاله وقوله:
نموت ونبلي غير أن ذنوبنا * إذا نحن متنا لا تموت ولا تبلى ألا رب ذي عينين لا تنفعانه * وما تنفع العينان من قلبه أعمى وقوله:
لو أن عينا أوهمتها نفسها * يوم الحساب ممثلا لم تطرف سبحان ذي الملكوت أية ليلة * محقت صبيحتها بيوم الموقف كتب الفناء على البرية ربها * فالناس بين مقدم ومخلف وذكر أن أبا نواس لما أراد الاحرام بالحج قال:
يا مالكا ما أعدلك مليك كل من ملك * لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك عبدك قد أهل لك أنت له حيث سلك * لولاك يا رب هلك لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك والليل لما أن حلك * والسابحات في الفلك على مجاري تنسلك كل نبي وملك وكل من أهل لك * سبح أو صلى فلك لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك يا مخطئا ما أجهلك * عصيت ربا عدلك وأقدرك وأمهلك عجل وبادر أملك واختم بخير عملك * لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك وقال المعافي بن زكريا الحريري: ثنا محمد بن العباس بن الوليد سمعت أحمد بن يحيى بن ثعلب يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فرأيت رجلا تهمه نفسه لا يجب أن يكثر عليه كأن النيران قد سعرت