ألم تر أن الجود من يد (1) آدم * تحدر حتى صار في راحة الفضل إذا ما أبو العباس سحت (2) سماؤه * فيا لك من هطل ويا لك من ويل وقال فيه أيضا:
إذا أم طفل راعها جوع طفلها * دعته باسم الفضل فاعتصم الطفل ليحيى بك الاسلام إنك عزه * وإنك من قوم صغيرهم كهل قال فأمر له بمائة ألف درهم. ذكره ابن جرير. وقال سلم الخاسر فيهم أيضا:
وكيف تخاف من بؤس بدار * يجاورها (3) البرامكة البحور وقوم منهم الفضل بن يحيى * نفير ما يوازنه نفير له يومان يوم ندى وبأس * كأن الدهر بينهما أسير إذا ما البرمكي غدا ابن عشر * فهمته أمير أو وزير وقد اتفق للفضل في هذه السفرة إلى خراسان أشياء غريبة، وفتح بلادا كثيرة، منها كابل وما وراء النهر، وقهر ملك الترك وكان ممتنعا، وأطلق أموالا جزيلة جدا، ثم قفل راجعا إلى بغداد، فلما اقترب منها خرج الرشيد ووجوه الناس إليه، وقدم عليه الشعراء والخطباء وأكابر الناس، فجعل يطلق الألف ألف، والخمسمائة ألف ونحوها، وأنفذ في ذلك من الأحوال شيئا كثيرا لا يمكن حصره إلا بتعب وكلفة، وقد دخل عليه بعض الشعراء (4) والبدر موضوعة بين يديه وهي تفرق على الناس فقال:
كفى الله بالفضل بن يحيى بن خالد * وجود يديه بخل كل بخيل فأمر له بمال جزيل. وغزا الصائفة في هذه السنة معاوية بن زفر بن عاصم. وغزا الشاتية سليمان بن راشد. وحج بالناس فيها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس نائب مكة.
وفيها توفي جعفر بن سليمان، وعنتر بن القاسم، وعبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم القاضي ببغداد، وصلى عليه الرشيد ودفن بها، وقد قيل إنه مات في التي قبلها فالله أعلم.