وقال: إني عازم على المقام بالشام، ثم رجعت أنا إلى بلدي بلخ كسائر الضعفاء حتى رجعنا إليها ولم أسأله عن اسمه، فكان ذلك أول أمري.
وروي من وجه آخر فيه نظر. وقال أبو حاتم الرازي: عن أبي نعيم، عن سفيان الثوري قال:
كان إبراهيم بن أدهم يشبه الخليل، ولو كان في الصحابة كان رجلا فاضلا له سرائر وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا ولا أكل مع أحد طعاما إلا كان آخر من يرفع يديه.
وقال عبد الله بن المبارك: كان إبراهيم رجلا فاضلا له سرائر ومعاملات بينه وبين الله عز وجل وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا من عمله، ولا أكل مع أحد طعاما إلا كان آخر من يرفع يده. وقال بشر بن الحارث الحافي: أربعة رفعهم الله بطيب المطعم، إبراهيم بن أدهم، وسليمان بن الخواص ووهيب بن الورد، ويوسف بن أسباط. وروى ابن عساكر من طريق معاوية بن حفص قال: إنما سمع إبراهيم بن أدهم حديثا واحدا فأخذ به فساد أهل زمانه. قال: حدثنا منصور، عن ربعي بن خراش قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل يحبني الله عليه ويحبني الناس قال: " إذا أردت أن يحبك الله فابغض الدنيا، وإذا أردت أن يحبك الناس فما كان عندك من فضولها فانبذه إليهم " وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو الربيع عن إدريس قال: جلس إبراهيم إلى بعض العلماء فجعلوا يتذاكرون الحديث وإبراهيم ساكت، ثم قال: حدثنا منصور ثم سكت فلم ينطق بحرف حتى قام من ذلك المجلس: فعاتبه بعض أصحابه في ذلك! فقال: إني لأخشى مضرة ذلك المجلس في قلبي إلى اليوم. وقال رشدين بن سعد: مر إبراهيم بن أدهم بالأوزاعي وحوله حلقة فقال: لو أن هذه الحلقة على أبي هريرة لعجز عنهم. فقام الأوزاعي وتركهم. وقال إبراهيم بن بشار:
قيل لابن أدهم: لم تركت الحديث؟ فقال: إني مشغول عنه بثلاث، بالشكر على النعم، وبالاستغفار من الذنوب، وبالاستعداد للموت، ثم صاح وغشي عليه فسمعوا هاتفا يقول: لا تدخلوا بيني وبين أوليائي.
وقال أبو حنيفة يوما لإبراهيم بن أدهم: قد رزقت من العبادة شيئا صالحا فليكن العلم من بالك فإنه رأس العبادة وقوام الدين. فقال له إبراهيم: وأنت فليكن العبادة والعمل بالعلم من بالك وإلا هلكت. وقال إبراهيم: ماذا أنعم الله على الفقراء لا يسألهم يوم القيامة عن زكاة ولا عن حج ولا عن جهاد ولا عن صلة رحم، إنما يسأل ويحاسب هؤلاء المساكين الأغنياء. وقال شقيق بن إبراهيم:
لقيت ابن أدهم بالشام وقد كنت رأيته بالعراق وبين يديه ثلاثون شاكريا. فقلت له: تركت ملك خراسان، وخرجت من نعمتك؟ فقال: اسكت ما تهنيت بالعيش إلا ههنا، أفر بديني من شاهق إلى شاهق، فمن يراني يقول هو موسوس أو حمال (1) أو ملاح، ثم قال: بلغني أنه يؤتى بالفقير يوم القيامة