المهدي جيشا كثيفا يبلغون أربعين ألفا، فأكثرهم رجالة وجعل عليهم الونشريشي وسير معهم عبد المؤمن فنزلوا وساروا إلى مراكش فحصروها وضيقوا عليها وبها أمير المسلمين علي بن يوسف فبقي الحصار عليها عشرين يوما، فأرسل أمير المسلمين إلى متولي سجلماسة يأمره أن يحضر معه الجيوش، فجمع جيشا كثيرا وسار فلما قارب عسكر المهدي خرج أهل مراكش من غير الجهة التي أقبل منها فاقتتلوا واشتد القتال وكثر القتل وأصحاب المهدي فقتل الونشريشي أميرهم فاجتمعوا إلى عبد المؤمن وجعلوه أميرا عليهم.
ولم يزل القتال بينهم عامة النهار وصلى عبد المؤمن صلاة الخوف الظهر والعصر والحرب قائمة ولم تصل بالمغرب قبل ذلك فلما رأى المصامدة كثيرة المرابطين وقوتهم أسندوا ظهورهم إلى بستان يسمى عندهم البحيرة فلهذا قيل وقعة البحيرة وعام البحيرة وصاروا يقاتلون من جهة واحدة إلى أن أدركهم الليل وقد قتل من المصامدة أكثرهم.
وحين قتل الونشريشي دفنه عبد المؤمن فطلبه المصامدة فم يروه في القتلى فقالوا رفعته الملائكة ولما جنهم الليل سار عبد المؤمن ومن سلم من القتلى إلى الجبل.
ذكر وفاة المهدي وولاية عبد المؤمن لما سير الجيش إلى حصار مراكش مرض مرضا شديدا فلما بلغه خبر الهزيمة اشتد مرضه وسأل عن عبد المؤمن فقيل هو سالم؛ فقال ما مات