النار وآمركم أن تقتلوا أهل النار وتتركوا أهل الجنة وقد أنزل الله تعالى ملائكة إلى البئر التي في المكان الفلاني يشهدون بصدقي.
فسار المهدي والناس معه وهم يبكون إلى تلك البئر وصلى المهدي عند رأسها وقال يا ملائكة الله إن أبا عبد الله الونشريشي قد زعم كيت وكيت فقال من بها صدق وكان قد وضع فيها رجالا يشهدون بذلك فلما قيل ذلك من البئر قال المهدي إن هذه مطهرة مقدسة قد نزل إليها الملائكة والمصلحة أن تطم لئلا يقع فيها نجاسة أو ما لا يجوز فألقوا فيها من الحجارة والتراب ما طمها ثم نادى في أهل الجبل بالحضور إلى ذلك المكان فحضروا للتمييز فكان الونشريشي يعمد إلى الرجل الذي يخاف ناحيته فيقول هذا من أهل النار فيلقى من الجبل مقتولا وإلى الشاب الغر ومن لا يخشى فيقول هذا من أهل الجنة فيترك على يمينه فكان عدة القتلى سبعين ألفا فلما فرغ من ذلك أمن على نفسه وأصحابه واستقام أمره.
هكذا سمعت جماعة من فضلاء المغاربة يذكرون في التمييز وسمعت منهم من يقول إن ابن تومرت لما رأى كثرة أهل الشر والفساد في أهل الجبل أحضر شيوخ القبائل وقال لهم إنكم لا يصح لكم دين ولا يقوى إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإخراج المفسد من بينكم فابحثوا عن كل من عندكم من أهل الشر والفساد فانهوهم عن ذلك فإن انتهوا وإلا فاكتبوا أسماءهم وارفعوها إلي لأنظر في أمرهم. ففعلوا ذلك وكتبوا له أسماءهم من كل قبيلة ثم أمرهم بذلك مرة ثانية وثالثة ثم جمع المكتوبات فأخذ منها ما تكرر من الأسماء فأثبتها عنده ثم جمع الناس قاطبة ورفع الأسماء التي كتبها ودفعها إلى الونشريشي المعروف بالبشير وأمره أن يعرض القبائل ويجعل أولئك المفسدين في جهة الشمال ومن عداهم من جهة اليمين