أحسن ما يكون وأردنا إتحافك به واحضروها بين يديه فلما رآها أمر بإحضار خبز وأمر أولئك الذين أهدوا إليه العسل أن يأكلوا منه فامتنعوا واستعفوه من أكله فلم يقبل منهم وقال من لم يأكل قتل بالسيف فأكلوا فماتوا عن آخرهم.
فكتب إلى يوسف تاشفين إنك قد أردت قتلي بكل وجه فلم يظفرك الله بذلك فكف عن شرك فقد أعطاك الله المغرب بأسره ولم يعطني غير هذا الجبل وهو في بلادك كالشامة البيضاء في النور الأسود فلم تقنع بما أعطاك الله عز وجل. فلما رأى يوسف أن سره قد انكشف وأنه لا يمكنه في أمره شيء بحصانة جبله أعرض عنه وتركه.
ذكر ملك العرب مدينة سوسة وأخذها منهم في هذه السنة نقض ابن علوي ما بينه وبين تميم بن المعز بن باديس أمير إفريقية من العهد وسار في جمع من عشيرته العرب فوصل إلى مدينة سوسة من بلاد إفريقية وأهلها غارون لم يعملوا به فدخلها عنوة وجرى بينه وبين من بها من العسكر والعامة قتال قتل من الطائفتين جماعة وكثر القتل في أصحابه والأسر وعلم أنه لا يتم له مع تميم حال ففارقها وخرج منها إلى حلته في الصحراء.
وكان بإفريقية هذه السنة غلاء شديد وبقي كذلك إلى سنة أربع وثمانين وصلحت أحوال أهلها وأخصبت البلاد ورخصت الأسعار وأكثر أهلها الزرع.