يقصد العرب ويقاتلهم في حللهم حتى أبعدوا إلى البر، فأرسل البرسقي يأمره باللحاق به فقال لأصحابه: قد ضجرنا مما نحن فيه كل يوم للموصل أمير جديد ونريد نخدمه وقد رأيت أن أسير إلى السلطان فأكون معه فأشاروا عليه بذلك سار إليه فقدم عليه بأصبهان فأكرمه وأقطعه البصرة وأعاده إليها.
ذكر ملك البرسقي مدينة حلب في هذه السنة في ذي الحجة ملك آقسنقر البرسقي حلب وقلعتها.
وسبب ذلك أن الفرنج لما ملكوا مدينة صور على ما ذكرناه طمعوا وقويت نفوسهم وتيقنوا الاستيلاء على بلاد الشام واستكثروا من الجموع ثم وصل إليهم دبيس بن صدقة صاحب الحلة فأطمعهم طمعا ثانيا لا سيما في حلب وقال لهم إن أهلها شيعة وهم يميلون إلي لأجل المذهب فمتى رأوني سلموا البلد إلي وبذل لهم على مساعدته بذولا كثيرة وقال إنني أكون ههنا نائبا ومطيعا لكم فساروا معه إليها وحصروها وقاتلوا قتالا شديدا ووطنوا نفوسهم على المقام الطويل وأنهم لا يفارقونها حتى يملكوها وبنوا البيوت لأجل البرد والحر.
فلما رأى أهلها ذلك ضعفت نفوسهم وخافوا الهلاك وظنوا لهم من صاحبهم تمرتاش الوهن والعجز وقلت الأقوات عندهم فلما رأوا ما دفعوا إليه من هذه الأنساب أعملوا الرأي في طريق يتخلصون به فرأوا أنه ليس لهم غير البرسقي صاحب الموصل فأرسلوا إليه يستنجدونه ويسألونه