فانتهى خبره إلى أمير المسلمين، فجهز جيشا من أصحابه وسيرهم إليه فلما قربوا من الجبل الذي هو فيه قال لأصحابه إن هؤلاء يريدونني وأخاف عليكم منهم فالرأي أن أخرج بنفسي إلى غير هذه البلاد لتسلموا أنتم فقال له ابن توفيان من مشايخ هرغة هل تخاف شيئا من السماء؟ فقال: لا، بل من السماء تنصرون فقال ابن توفيان فيأتينا كل من في الأرض ووافقه جميع قبيلته فقال المهدي أبشروا بالنصر والظفر بهذه الشرذمة وبعد قليل تستأصلون دولتهم وترثون أرضهم. فنزلوا من الجبل ولقوا جيش أمير المسلمين فهزمهم وأخذوا أسلابهم وقوي ظنهم في صدق المهدي حيث ظفروا كما ذكر لهم.
وأقبلت إليه أفواج من الحلل التي حوله شرقا وغربا وبايعوه، وأطاعه قبيلة هنتاتة وهي من أقوى القبائل فأقبل عليهم واطمأن إليهم، وأتاه رسل أهل تين ملل بطاعتهم وطلبوه إليهم فتوجه إلى جبل تين ملل واستوطنه وألف لهم كتابا في التوحيد وكتابا في العقيدة ونهج لهم طريق الأدب بعضهم مع بعض والاقتصار على القصير من الثياب القليل الثمن، وهو يحرضهم على قتال عدوهم وإخراج الأشرار من بين أظهرهم.
وأقام بتين ملل وبنى له مسجدا خارج المدينة فكان يصلي فيه الصلوات هو وجمع ممن معه عنده ويدخل البلد بعد العشاء الآخرة فلما رأى كثرة أهل الجبل وحصانة المدينة خاف أن يرجعوا عنه فأمرهم أن يحضروا بغير سلاح، ففعلوا ذلك عدة أيام ثم إنه أمر أصحابه أن يقتلوهم، فخرجوا